غافلا لو علمت بما نحن فيه لذاب لحمك وجسمك، كما يذوب الثلج في النار (1).
وعن الضحاك، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إن الموتى ينادون في كل يوم ثلاث مرات من قبورهم: يا أهل الديار عجلوا عجلوا، فأنما نحن محبوسون من أجلكم، الرحيل الرحيل، لا تحبسوا إخوانكم، خربوا ما بنيتم، واتركوا ما جمعتم، نورتم البيوت، وأظلمتم القبور، وبنيتم البيوت، ونسيتم القبور، وعمرتم البيوت، وخربتم القبور، ووسعتم البيوت، وضيقتم القبور، (وذكروا غير ذلك) (2).
وعن أبي عبد الله محمد بن عمر، يروي عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ما من يوم يمضي إلا وملك يهتف: يا أهل القبور من تغبطون اليوم فيقولون:
نغبط أهل المساجد، يصلون في مساجدهم، ويصومون ويصدقون، ولا نقدر نصلي ونصوم ونتصدق.
وعن محمد بن أبي عبد الله بن الفضل، عن محمد بن كعب، قال: مر عيسى على قبر، فرأى فيه عذابا شديدا، فدعا الله حتى أحياه، فقال له عيسى: فلم تعذب. قال: كنت جالسا في سوق (مصر)، وقد أكلت شيئا، فأخذت عودة من حزمة شوك لأخلل أسناني بها، ومت منذ أربعة آلاف سنة وأنا في عذابها، ثم قال: يا روح الله منذ أربعة آلاف سنة ومرارة الموت باقية في حلقي. فقال عيسى: اللهم يسر علينا سكرات الموت.
وعن وهب بن منبه أن عيسى عليه السلام مر على نهر فيه ماء عذب، وحوله خابية (3)، كلما يوضع فيها من ذلك الماء يصير مالحا، فقال: إلهي ما خبر هذا الماء المالح؟! فأذن الله للخابية بالكلام، فقالت: إني كنت آدميا، فبقيت في قبري ثلاثمائة سنة، ثم جاء لبان، فضرب ترابي لبنا، وبنيت في قصر ثلاثمائة سنة، ثم خرب القصر، فبقيت ترابا مائتي سنة، ثم جاء شخص فجعلني (حبا)، ووضعني سقاية على شاطئ هذا النهر من مائة سنة وكل ما يجعل في يكون مالحا، لما في من مرارة نزع الروح، وأنا معذب منذ مت، لأني أخذت إبرة من جاري، وما رددتها حتى مت. فما أدري أن عذابي أشد أم مرارة الموت، فقال عيسى: اللهم يسر علي الموت، ونجني من عذاب القبر (الحديث). وقد ذكرنا من مضمونه محل الحاجة.
وعن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن أشد الأحوال على الميت حين يدخل (الغسال) داره ليغسله، فيخرج خواتم الشبان من أصابعهم، وينزع قميص العروس من بدنها، ويرفع
পৃষ্ঠা ৫৬৮