وأما ما يلزم من ضمان الأموال التالفة وأخذ الباقي والأروش والقصاص فلا، لأنها من حقوق الآدميين وهي لا تسقط إلا بإسقاط أربابها، ورده الجلال قال: لنا ظاهر استثناء الآية ورد بأن التوبة مطلقة فتقيد بالإجماع على عدم إسقاطها حقوق الخلق عن المسلم، لأن متعلق الإجماع أخص من متعلقها، والأخص مقدم على الأعم.
وأجيب بما روي عن الشعبي أن عليا كتب إلى عامله بالبصرة، أن حارثة بن بدر ممن حارب الله ورسوله ثم تاب.. إلى آخر ما تقدم.
ورد بأنه لم يصح أنه لم يحدث منه ما يوجب الكفر بل تسميته محاربا لله ورسوله في صدور ما يوجب الكفر، ولو سلم فلا دليل فيه على أنه أتلف حقوقا للخلق أو قتل أحدا أو جرحه كما هو محل النزاع، وإن سلم فمعارض برواية زيد بن علي عن علي أنه ضمن المحارب ما أتلف من حقوق الخلق، وإنما لم يضمن البغاة ما أخذوا من الحقوق المالية، لأنها من حقوق الله.
وأجيب عن الحجة الثانية: بأنه لا قياس مع النص عن علي، وكلامه حجة عندنا، وقد تابعه الجمهور.
إذا تقرر لك ما ذكرنا، فاعلم أنه لا نزاع فيمن تاب من المحاربة، ولم يأخذ مالا، ولا قتل مسلما، وعلى هذا تحمل الآية، وحديث حارثة بن بدر، وأبو موسى.
ويؤيد ذلك ما ذكره في (الدر المنثور) بلفظ: فأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي، وسعيد بن جبير قالا: ((إن جاء تائبا ولم يقطع مالا، ولا سفك دما، فذلك الذي قال الله فيه: {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم }[المائدة:34])) انتهى.
পৃষ্ঠা ১৭৭