CHECK الركن الأول

[مقدمة]

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد.

كتاب "مناسك الحج"، تأليف الشيخ المقدس(1): أبي طاهر إسماعيل بن موسى الجيطالي النفوسي- رضي الله عنه - ، وبالله التوفيق.

الحمد الله الذي شرع المناسك لعباده، وأسس البيت الحرام في أعز بلاده، وفرض حجه على المستطيعين من البرايا، تطهيرا لهم من الذنوب والخطايا، يأتون إليه من الفجاج(2) والثنايا(3)، شعث الرؤوس، من مكابدة السرى(4)، وسموم(5) الهواجر(6)

__________

(1) قول الناسخ: "الشيخ المقدس" في نفوسنا منها شيء، واحترام العلماء وتقديرهم، لا يعني الإتيان بمثل هذه الألقاب، فلو قال: الشيخ العلامة الفقيه المجتهد، لكان أفضل من قوله "المقدس".

(2) الفجاج: قيل: الطريق الواسع بين جبلين، وقيل: في الجبل، وقيل: أو في قبل جبل، وهو أوسع من الشعب، وقال ثعلب: ما انخفض من الطرق، ومفرده: الفج. ينظر: العلامة محمد بن مكرم بن علي الأنصاري، المعروف "بابن منظور"،(لسان العرب)، 10/ 185، مادة "فجج".

(3) الثنايا: والثنية: طريق العقبة، ومنه قولهم: فلان طلاع الثنايا: إذا كان ساميا لمعالي الأمور، كما يقال: طلاع أنجد، والثنية: الطريقة في الجبل كالنقب، وقيل: هي العقبة، وقيل: هي الجبل نفسه، وقال أبو عمرو: الثنايا: العقاب، قال أبو منصور: والعقاب جبال طوال بعرض الطريق، فالطريق تأخذ فيها، وكل عقبة مسلوكة ثنية، وجمعها ثنايا.(المصدر السابق) 2/ 142، مادة "ثنى".

(4) السرى: يقال: سريت سرى مسرى، إذا سرت ليلا بالألف، لغة أهل الحجاز، السرى السير عامة الليل، ويذكر سرى يسري ومسرى وسرية. (المصدر السابق) 6/252، مادة "سرا".

(5) السموم: الريح الحارة تؤنث، وقيل: هي الباردة ليلا كان أو نهارا، والجمع سمائم.(المصدر السابق) 6/373 مادة"سمم".

(6) الهواجر: والهجير: والهجيرة، والهاجرة، نصف النهار عند زوال الشمس إلى العصر.(المصدر السابق) 15/34 مادة "هجر".

পৃষ্ঠা ১

،رجالا وعلى كل ضامر، فناهيك أقواما، ما صارموا(1) الأهل والعشائر، وهاجروا اللذات والأواطن(2)، وأتعبوا الأبدان والأباعر(3)، حتى صاروا شعثا على شعث، ضوامر عوجا(4) على عوج، مرتدمة(5) الكراكر(6)، أنضاء(7) على أنضاء، غبر(8)، حرائر(9)،خمص(10) البطون، على خوص(11)

__________

(1) صارموا: التصارم، التقاطع، والصرم: اسم للقطيعة، والانصرام الانقطاع.(المصدر السابق) 7/332، مادة "صرم".

(2) لم نجدها بهذا الجمع كما في ابن منظور، (لسان العرب)، 15/338، مادة "وطن".

(3) الأباعر:. البعير: الجمل البازل، وقيل: الجذع، وقد يكون للأنثى، كقول بعضهم: شربت من لبن بعيري؛ أي ناقتي، قال ابن بري: أباعر، جمع أبعرة، وأبعرة جمع بعير، وأباعر جمع الجمع، وليس جمعا لبعير.(المصدر السابق)، 1/444، مادة "بعر".

(4) عوج: الانعطاف في ما كان قائما، فمال.(المصدر السابق)9/455، مادة"عوج".

(5) مرتدمة: تردم الثوب، أي أخلق واسترقع، فهو متردم.(المصدر السابق)، 5/ 193، مادة "ردم".

(6) الكراكر: وعاء قضيب البعير والتيس والثور، والكراكر: الجماعات، واحدتها كركرة.(المصدر السابق)، 12/ 66، مادة "كركر".

(7) أنضاء: والنضو بالكسر: البعير المهزول، وقيل: هو المهزول من جميع الدواب، وهو أكثر، والجمع أنضاء، وقد يستعمل في الإنسان.(المصدر السابق) 14/ 182، مادة "نضا".

(8) غبر: والغبرة: لون الغبار.(المصدر السابق)، 10/ 18، مادة "غبر".

(9) حرائر: وأحر الرجل، فهو محر، أي صارت إبله حرارا، أي عطاشا.(المصدر السابق)، 3/ 115، مادة"حرر".

(10) خمص: الجائع الضامر البطن.(المصدر السابق) 4/ 219، مادة "خمص".

(11) خوص العيون: ضيق العين، وصغرها، وغورهما، وقيل: أن تكون إحدى العينين أصغر من الأخرى، وقيل: هو ضيق مشقها، خلقة أو داء، قال أبو منصور: كل ما حكي في الخوض صحيح، غير ضيق العين، فإن العرب إذا أرادت ضيقها، جعلوه الحوص، بالحاء، وإذا أرادوا غور العين، فهو الخوص، بالخاء معجمة من فوق.(المصدر السابق) 4/ 244 - 245، مادة "خوص".

পৃষ্ঠা ২

العيون، قب(1) الخواصر(2)، قد تسعسن(3) من السرى، وحر الظواهر(4)، وجوب(5) الفيافي(6)، حتى أنخن(7) بتلك المشاعر، فأرحلهم (8) الكريم من سعة جوده بالمحل المغبوط، وأنزلهم من كرامته بالمكان المحوط، فانقلبوا على مطاياهم(9)، مغفورة خطاياهم[س/1]، موفورة عطاياهم، - رحمنا الله و

__________

(1) قب: والأقب: الضامر، وجمعه: قب.(المصدر السابق) 11/6، مادة "قبب".

(2) الخواصر: الخصر: وسط الإنسان، وجمعه خصور، ويقال: رجل ضخم الخواصر.(المصدر السابق) 4/ 108، مادة "خصر".

(3) تسعسن: سعسع الشيخ أو غيره: قارب الخطو، واضطرب من الكبر أو غيره.(المصدر السابق) 6/268، مادة "سعسع".

(4) الظواهر: الظهيرة: الهاجرة، وقيل: الهاجرة، وقيل: انتصاف النهار، وقيل: هما واحد، وقيل: إنما ذلك من لقيظ مشتق.(المصدر السابق)، 8/ 279، مادة "ظهر".

(5) جوب: وجاب المفازة، والظلمة جوبا، واجتابها: قطعها.(المصدر السابق) 2/ 406، مادة "جوب".

(6) الفيافي: المفازة لا ماء فيها، قال الليث: الفيف، المفازة التي لا ماء فيها، مع الاستواء والسعة، وإذا أنثت فهي الفيفاة، وجمعها الفيافي.(المصدر السابق)، 10/ 369، مادة "فيف".

(7) أنخن: أنخت البعير فاستناخ، ونوخه، فتنوخ، وأناخ الإبل: أبركها، فبركت.(المصدر السابق) 14/321، مادة "نوخ".

(8) لعلها فأحلهم

(9) مطاياهم: والمطية: الناقة التي يركب مطاها، والمطية: البعير يمتطى ظهره، وجمعه المطايا، يقع على الذكر والأنثى.(المصدر السابق) 13/ 135، مادة "مطا".

পৃষ্ঠা ৩

أحمده حمدا يليق بجلاله، ويقربني التمسك بوصاله، وصلى الله على رسوله المحفوف(1) من بني عدنان، بعناصر بهائها(2)، النازل من قريش في سراة(3) سنائها(4)، المبعوث إلى الأسود والأحمر بالدين الحنفي الأزهر، والكتاب العربي المنور، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الطاهرين، وعلى جميع أنبيائه المصطفين إلى يوم الدي-ن.أما بعد:

__________

(1) المحفوف: حف القوم بالشيء وحواليه، يحفون حفا، وحفوه، وحففوه: أحدقوا به، وأطاقوا، وعكفوا، واستداروا.(المصدر السابق) 3/ 244، مادة "حفف".

(2) بهائها: .بها: البهو: البيت المقدم أمام البيوت، وقوله في الحديث (تنتقل العرب بأبهائها إلى ذي الخلصة)، أي ببيوتها، وهو جمع البهو: البيت المعروف.(المصدر السابق) 1/ 528، مادة"بها".

(3) سراة: السرو: المروءة والشرف، ويجمع السراة على سروات.(المصدر السابق) 6/249-250، مادة "سرا".

(4) سنائها: سنا إلى معالي الأمور سناء: ارتفع، والسنا من الرفعة، والسني: الرفيع، وقال ابن السكيت: السنا من لمجد والشرف.(المصدر السابق)، 6/404، مادة"سنا".

পৃষ্ঠা ৪

فإنه لما رأيت الحج وقع في الدين موقعا جليلا، وكتب فرضه على كل من استطاع إليه سبيلا، فاستخف الناس بحق الله فيه، حتى كأنه تطوع عند العوام، وفضيلة مرغوب فيها عند جل(1) من ينتحل(2) الإسلام، ولاسيما اليوم أهل هذه الدعوة الرضية (3) ، دون غيرهم من أهل الأهواء المرجئة(4)، فإنهم أخذوا فيه بالسهم الأخسر، والحظ الأنقص، مع ما خول بعضهم من الاستطاعة عليه، وإمكان السير والسبيل إليه، فإذا أقمت على أحدهم الحجة، وألزمته طريق المحجة، أخذ يروغ يمينا وشمالا، ويتعلل بعليل(5) تورث صاحبها نكالا، وتعقبه خزيا واضمحلالا(6)، يقول: إن الجور اليوم قد استفاض وطريق الأمن عسير(7) الإنهاض[س/2]، وأن الحج قد سقط فرضه في هذا الزمان؛ لتوعر الطريق وقلة الأمان، وعون الرفيق وعدم

__________

(1) جل: جل الشيء وجلاله، معظمه.(المصدر السابق) 2/334.

(2) ينتحل: تقول: فلان ينتحل كذا وكذا، أي يدين به.(المصدر السابق)، 14/ 74.

(3) يشير إلى أهل مذهبه الإباضي.

(4) المرجئة: يحمل معنيين:1- التأخير،2- إعطاء الرجاء، فأما إطلاق اسم المرجئة على الجماعة بالمعنى الأول، فصحيح؛ لأنهم كانوا يؤخرون العمل عن النية، وأما المعنى الثاني فظاهر؛ لأنهم يقولون: لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة، وقيل: إن المرجئة أصناف: منهم مرجئة قدرية، ومرجئة جبرية، ومرجئة خالصة، ويقال: إن أول من قال بالإرجاء، هو غيلان الدمشقي. ينظر الشيخ أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الورجلاني، (الدليل والبرهان)،وزارة التراث القومي والثقافة، 1403 ه- -1983م،1/ 62- 63، ومحمد بن عبد الكريم الشهرستاني، (الملل والنحل)،دار الفكر، بيروت - لبنان،بدون ت،ط، ص 139.

(5) هكذا رسمت، ولعل الأصوب "بعلل".

(6) اضمحل الشيء: أي: ذهب وانحل.(لسان العرب) 8/ 28، مادة "ضحل".

(7) عسر: ضد اليسر، وهو الضيق والشدة، والصعوبة.(المصدر السابق)، 5/ 207، مادة "عسر".

পৃষ্ঠা ৫