وعرضت دينا قد علمت بأنه
من خير أديان البرية دينا
لو لا الملامة أو حذاري سبة
لوجدتني سمحا بذاك مبينا
فلما علمت بنو أمية وإخوتها من عبد شمس ما عزم عليه أمر أبي طالب قال بعضهم لبعض: إن لم تنظروا في هذا الأمر ومعكم فيه من معكم من بني عبد مناف، خيف عليكم أن يصيروا إلبا واحدا فلا يمكنكم منه شيء. فمشوا إلى من اجتمع معهم من بني عبد مناف، وذكروا ما كان من أمر أبي طالب وشعره، فاجتمع رأيهم على معاودة أبي طالب بأمر رأوه، ليعرضوه عليه فأتوه فقالوا: يا أبا طالب قد ذكرنا مرة بعد مرة ما نالنا من ابن أخيك، وعلمنا رأيك فيه ومحبتك له لما رأينا من حاله، وقد رأينا أن نعرض عليك أمرا، هذا عمارة بن الوليد- وقد جاءوا به معهم- من قد علمت حاله، أنهد فتى في قريش وأشعرهم نحن ندفعه إليك فخذه، فلك عقله ونصره واعده ولدا مكان محمد، وخل بيننا وبين محمد، فقد خالف دينك ودين آبائك وفرق جماعة قومك وسفه أحلامهم، فإنما هو رجل كرجل.
فقال لهم أبو طالب: ليس والله ما تسومونني أن تعطوني ابنكم أغذوه لكم وأخلي بينكم وبين ابني تقتلونه هذا ما لا يكون أبدا.
فقال له المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف: والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك وجهدوا في التخلص منك، فما أراك تريد أن تقبل منهم.
فقال له أبو طالب: لا والله ما أنصفوني ولا أنصفتني أنت ومن والاهم من بني عبد مناف، ولو أردتم منهم مثل ما أرادوه منكم لما أجابوكم إليه، ولكانوا في بني أبيهم أحمى منكم في بني أبيكم.
فتهاجز القوم وتنابذوا للحرب فقال أبو طالب في ذلك يحرض بني عبد مناف على نصرته ويستميل بني عبد شمس:
ألا قل لعمرو والوليد ومطعم
ألا ليت حظي من حياطتكم بكر
من الخور حجاب كثير رغاؤه
يرش على الساقين من بوله قطر
পৃষ্ঠা ৮৭