منهم ليأكل ذلك الطعام وحده وما يكتفي منه، فأدخل رسول الله صلى الله عليه وآله يده فيه وقربه إليهم وقال: «كلوا بسم الله».
فأكلوا حتى صدروا عنه ما بأحدهم إليه من حاجة، فبقي الطعام بحاله ما رأي فيه إلا مواضع أيديهم، ثم قال لعلي: «اسقهم».
فجاءهم بذلك العس فشربوا منه عن آخرهم حتى ارتووا، فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يتكلم بدره أبو لهب بالكلام فقال: لو لم تستدلوا على سحر صاحبكم إلا بما رأيتموه صنع في هذا الطعام واللبن لكفاكم.
ثم قام وقاموا وتفرقوا ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا مما أراد أن يقوله، ثم أمر عليا عليه السلام فجمعهم إليه من غد، وصنع لهم طعاما مثل ذلك، فلما أكلوا وشربوا تكلم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: «يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم شابا في العرب حتى جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، قد جئتكم بأمر الدنيا والآخرة وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على أمري هذا على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم».
فأحجم القوم عن جوابه، فلما رأى ذلك علي عليه السلام وهو أحدثهم سنا فقال: «أنا يا رسول الله أكون وزيرك عليه».
فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي عليه السلام فقال: «هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا».
فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك ابن أخيك أن تسمع وتطيع لابنك (1).
هذا نص قول محمد بن إسحاق صاحب المغازي بروايته فيها، وهذا خبر مشهور
পৃষ্ঠা ৮৪