والذي لم يختلف فيه الأخبار أن طلحة والزبير كانا اللذين قاما وقعدا في أمر عثمان وألبا عليه وحاصراه حتى قتل، وأنه لما أجهده العطش أرسل إلى علي عليه السلام يقول له: يا علي إن طلحة والزبير قتلاني عطشا والموت بالسلاح أروح إلي.
فسألهما علي أن يخليا له الماء، فامتنعا.
فقال لهما علي: «ما كنت أظن أني أسأل أحدا من قريش في شيء فيجبهني».
قال له طلحة: والله لا أفعل وما أنت من ذلك في شيء.
فغضب علي عليه السلام وقال: «ستعلم يا ابن الحضرمية أكون في شيء من ذلك أم لا».
وقال: «والله لو لا يمين سبقت مني لأرويته أو أموت».
وبعث إليه بالماء مع الحسن عليه السلام فدخل إليه، وأمره بأن يقاتل دونه، فأبى عليه عثمان وقال: والله لا يراق دوني دم امرئ مسلم (1).
ولم نقصد هاهنا الحجة على أهل الجمل فنذكر فعلهم في عثمان، ولا قول عائشة فيه التي أقاموها لطلب دمه، وإنما قصدنا قصد معاوية، وكان أيضا مما ادعاه وشبه على الجهال به أن قيل لهم: هذا معاوية خال المؤمنين، ليعظم في أعينهم ويجل مكانه من قلوبهم، ويروه أهلا لما قام به من أمرهم، وذلك لمكان أخته رملة بنت أبي سفيان من أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله.
وقد ذكرنا فيما تقدم من هذا الكتاب قصتها وسبب تزويج رسول الله إياها وما قصد بذلك، وأراد به من استمالة أبي سفيان وتآلفه على الإسلام، فما نفع ذلك فيه ولا في معاوية، ولا صرفهما عما كانا عليه من عداوة رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما قال الله تعالى: النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم (2) جعل ذلك معاوية
পৃষ্ঠা ২৫২