وعتبة منصت يستمع إليه قد ألقى يده خلف ظهره معتمدا عليها حتى انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى موضع السجدة، فسجد ثم قال: «قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك».
فقام عتبة إلى أصحابه، فلما نظروا إليه مقبلا قال بعضهم لبعض: نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به، فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟
قال: ورائي أني سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالسحر ولا الشعر ولا الكهانة، يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي، خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه واعتزلوه، فو الله ليكونن له نبأ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر عليها فملكه ملككم وعزه عزكم وكنتم أسعد الناس به.
قالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه.
[قال: هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لكم (1).
وأن أبا جهل وأبا سفيان والأخنس بن شريق، خرجوا ليلة ليسمعوا من رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يصلي بالليل في بيته، فأخذ كل رجل منهم مجلسا ليستمع منه، وكل لا يعلم بمكان صاحبه، فباتوا يستمعون له حتى إذا أصبحوا وطلع الفجر تفرقوا، فجمعهم الطريق فتلاوموا وقال بعضهم لبعض: لا تعودوا، فلو رآكم بعض سفهائكم لاوقعتم في نفسه شيئا. ثم انصرفوا، حتى إذا كانت الليلة الثانية عاد كل رجل منهم إلى مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة. ثم انصرفوا، فلما كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه، فباتوا يستمعون له، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا، فجمعهم الطريق
পৃষ্ঠা ১১৫