فتعبيره بأولى مساو لقول ابن هبيرة عن مالك أنه رأى أن ذلك أولى.
فإن قلت: استشهاد الفاسي بالقاعدة المذكورة يدل على الوجوب؛ لأن درء المفاسد يجب تقديمه على جلب المصالح.
قلت: هذا إيهام؛ لأن المفاسد على قسمين: مظنونة الوقوع، فهذه هي التي يجب تقديم رعايتها على جلب المصالح، ومتوهمة الوقوع، وهذه هي التي تكون رعايتها أولى لا واجبة.
وما نحن فيه من هذا الثاني، كما هو واضح؛ إذ خشية تغيير الملوك لها حتى تذهب هيبتها من القلوب، مع ما استقر في النفوس من تعظيمها، بعيد جدا، فكان متوهما لا مظنونا، فكيف يصح التعبير في هذا المقام بأولى؟ فتأمله.
ويشهد له بالنسبة للشافعي رضي الله عنه، قول النووي رحمه الله في ((شرح المهذب)): ((قال القاضي أبو الطيب في ((تعليقه)) -في باب دخول مكة، في آخر مسألة افتتاح الطواف بالاستلام-: قال الشافعي رضي الله عنه: أحب أن تترك الكعبة على حالها فلا تهدم؛ لأن هدمها يذهب حرمتها، ويصير كالتلاعب، فلا يريد وال تغيرها إلا هدمها، ولذلك استحسنا تركها على ما هي عليه)). اه.
وظاهر قوله رضي الله عنه: ((أحب)) -بل صريحه- ما نقله ابن هبيرة عنه، أنه رأى أن ترك ذلك أولى.
পৃষ্ঠা ৪৬