فإن قلت: أدلة الحرمة وتعين الظهر أرجح بالنظر فلذا نرجحه.
قلت: هذا خارج عن سوق الاستدلال، فدع عنك حكاية الأصل، وسنتكلم في ترجيح الأدلة.
وأما الجواب عن الأصل الثالث، فهو أن القدر الذي تثبت اشتراطه من الاجماعات هو اشتراط عينيته، لتصريح ناقليها بجواز الصلاة حال الغيبة، وكونها مسقطا للظهر، وأنها أحد فردي الواجب التخييري، فلاحظ موارد الاجماعات التي نقلناها وسياق كلماتهم تجد ما ذكرنا، وصريح الشهيد الثاني في روض الجنان (1) هو أن الاجماع على الاشتراط إنما هو في حال الحضور، وهو صريح الشهيد في الذكرى (2) وغيره أيضا.
والإجماعات إنما هي دالة على توقف جواز فعلها حال الحضور بذلك الشرط، وتوقف وجوبها عينا بذلك مطلقا.
وأما توقف جوازها حال الغيبة على ذلك الشرط فلم يدع الاجماع عليه أحد فيما أعلم، فدعوى الاجماع على ذلك مع ما عرفت من نقل الأقوال غير مسموع، بل المعلوم عدمه.
وأما ما يظهر من جماعة من الأصحاب - كالشهيدين (3) وغيرهما - في مقام الجواب على سبيل التسليم والمماشاة أنه مع ذلك لا يلزم سد باب الجمعة، لأن الفقيه الشرعي منصوب من قبل الإمام عموما، لمقبولة عمر بن حنظلة " فإني قد جعلته عليكم حاكما " (4) وحكمهم (عليهم السلام) على الواحد حكم على الجماعة، ومن ثم تمضي أحكامه، ويجب مساعدته على إقامة الحدود، والقضاء بين الناس، وهذه الأشياء أعظم من مباشرة إقامة الصلاة فلا يتم القول بتحريمها مطلقا في حال الغيبة.
পৃষ্ঠা ৩৩