مر بنا وقت عصيب، أسوأ مما مر بنا في خليج بسكاي. فمنذ أن غادرنا سيدني توالت العواصف علينا دون انقطاع، وكانت كلمنها تدفعنا شمالا عبر بحر المرجان. انقطع حبل الدفة. فعل والدي ما يستطيع ولكن الحبل لا يزال يحتاج إلى إصلاح. جهاز القيادة الذاتية لم يعد يعمل، وهكذا لا بد من وجود أحدنا عند عجلة القيادة طول الوقت، وهذا معناه إما والدي وإما أنا؛ لأن والدتي عاودها المرض، تقلصات المعدة من جديد، ولكنها ازدادت الآن سوءا، وهي لا تريد أن تتناول أي طعام، وكل ما تتناوله هو الماء المحلى بالسكر. لم تستطع أن تنظر إلى الخرائط لمدة ثلاثة أيام. يريد والدي أن يرسل إشارة استغاثة ولكن والدتي تمنعه. وتقول إن معنى هذا هو الاستسلام. شاركني أبي في العمليات الملاحية، وبذلنا قصارى جهدنا، ولكنني أعتقد أننا لم نعد نعرف مكاننا.
إنهما الآن نائمان في أسفل السفينة. والدي يعاني من الإرهاق الشديد. وأنا أدير عجلة القيادة في غرفة القائد، ومعي كرة القدم التي أهداني إدي إياها، لقد جلبت لنا الحظ الحسن حتى الآن، وهو أشد ما نحتاج إليه الآن حقا. نحتاج إلى شفاء والدتي، وإلا أصبحنا في مشكلة حقيقية. لا أعرف إن كنا نستطيع احتمال هبوب عاصفة أخرى.
الحمد لله على سكون الجو. سوف يساعد ذلك والدتي على النوم. فالنوم يتعذر حين تتقاذفك الأمواج طول الوقت.
الظلام دامس في البحر وستلا تنبح، وتقف على مقدم السفينة. وهي لا ترتدي سترة الأمان.
كانت هذه آخر كلمات كتبتها في سجل السفينة والصفحات التالية بيضاء.
حاولت أن أنادي ستلا أولا لكنها لم تأت. وهكذا تركت عجلة القيادة تقدمت لإعادة ستلا. وأخذت الكرة معي لإرضائها وإغرائها بالعودة من مقدم السفينة.
وقبعت في مكاني وقلت: «تعالي يا ستلا!» وأنا أنقل الكرة من يد إلى يد، وناديتها «تعالي خذي الكرة.» وأحسست بالسفينة تميل قليلا بسبب الريح، وعرفت حينذاك أنني أخطأت حين تركت عجلة القيادة. وأفلتت الكرة من يدي فجأة وتدحرجت فارتميت خلفها؛ لكنها كانت قد وصلت للجانب الآخر قبل أن أمسكها. كنت مستلقيا على ظهر السفينة أتابع الكرة بنظراتي وهي تختفي في الظلام. كنت غاضبا أشد الغضب من نفسي بسبب حماقتي الشديدة.
كنت لا أزال ألوم نفسي عندما تصورت أنني أسمع صوت غناء. كان أحدهم يغني في مكان ما وسط الظلام. ناديت ولكنني لم أتلق ردا. إذن، فذلك ما كانت ستلا تنبحه.
بحثت مرة أخرى عن كرتي لكنها كانت قد اختفت. كانت الكرة ثمينة جدا بالنسبة لي، وثمينة لنا جميعا. وأدركت عندها أنني فقدت لتوي ما يزيد كثيرا عن مجرد كرة قدم.
كنت غاضبا من ستلا، إذ كانت السبب في هذا كله. كانت لا تزال تنبح. ولم أعد أستطيع سماع الغناء. ناديتها من جديد، ودعوتها بالصفير للعودة، لكنها لم تأت. نهضت واقفا وتقدمت، وأمسكت بطوقها الجلدي وشددتها ولكنها رفضت أن تتحرك. لم أكن أستطيع أن أجرها للعودة بها هذه المسافة كلها فانحنيت حتى أحملها. كانت لا تزال رافضة. ثم احتضنتها بين ذراعي وهي تجاهد للتحرر من قبضتي.
অজানা পৃষ্ঠা