فظهر الاندهاش العظيم على وجه الكهل، ووضع الفتى سبابته على فمه، فقال له: إني إذا اكتشفت هذا الكنز يصبح أفقر فقير في طائفتنا أغنى من لورد في إنكلترا، ولا تعود بعد ذلك محتاجا إلى كلبك. - إذا كان ذلك فسأحاول أن أحب بنتي.
ولبثا يسيران ويتحادثان إلى أن وصلا إلى كلكوتا، وعند ذلك ودعه الفتى فقال له الكهل: إلى أين أنت ذاهب يا جان؟
قال: إلى حيث أبحث عن كنزي. - هل أراك في كلكوتا؟ - ربما التقينا هذه الليلة في محلتنا. ثم افترقا، فذهب الكهل إلى الحانة ليرى بنته، وذهب جان في طريق المرفأ.
كانت طائفة النور تدعو هذا الفتى جان دي فرانس، فما زال سائرا حتى وصل إلى المرفأ، وهناك وجد كثيرا من الجنود وعمال الميناء مجتمعين حول راقصة هندية ورجل هندي كان يعزف بقيثارة، فدنا جان منهما وتفرس بوجه الهندي فقال في نفسه: نعم هذا هو.
وعند ذلك أطلق مدفع من الثكنة إشارة إلى افتتاح المرفأ؛ فتفرق الجميع، وذهب جان مسرعا فسار في زقاق ضيق حتى انتهى إلى كوخ مبني بالقصب، فاضطجع على الأرض بجانب ذلك الكوخ وأطبق عينيه يوهم أنه نائم.
وبعد هنيهة أقبل الهندي والراقصة، ورأى الهندي جان بجانب الباب فرفسه برجله وقال له باللغة الهندية: قم من هنا أيها الكلب الدنس؛ فإن مكان هذا الكوخ كان مقدسا.
ولكن جان فتح إحدى عينيه ثم أغمضها فقالت الراقصة: إنه سكران فدعه وشأنه، ثم دخلت مع الرجل إلى الكوخ وجعلا يتحدثان.
أما جان فإنه ابتسم ابتسام الظافر؛ فقد كان حديثهما يصل إليه، وكان عارفا بدقائق اللغة الهندية كأبنائها. •••
قبل ذلك بساعة كان فريق من الضباط الإنكليز مجتمعين في خمارة عند باب كلكوتا وهم يتحدثون عن اللورد حاكم الهند ويعجبون لما يرون منه من دلائل الهم والتفكير الدائم، فقال لهم أحد الضباط: لا تعجبوا أيها الرفاق؛ فقد قيل إنه اختصم مع امرأته ونفاها إلى قصر له في إيكوسيا، وإنه يكره مولودها الأخير منذ ولادته.
وكان بين الحاضرين طبيب إنكليزي يدعى بولتون، فاعترضهم قائلا: لكم أيها السادة أن تقولوا ما تشاءون عن اللورد إسبرتهون وعن ظلمه وتغاضيه عن واجباته في هذه البلاد، وأما إذا ذكرتم زوجته اللادي فلا تذكروها إلا بالاحترام؛ فهي الملاك الذي يمثل الطهارة والفضيلة وكرم الأخلاق في الأرض .
অজানা পৃষ্ঠা