وكان السير جاك أخو اللورد الحاكم وولده وهو في الرابعة عشرة من عمره جالسين على مقعد في تلك الردهة غير بعيد عن السرير، فكان السير جاك ينظر إلى ابن أخيه الصغير نظرات ملؤها الحقد، ثم ينظر إلى ولده ويقول له: أي إحسان أحسن به هذا الطفل الشقي، فأعدت له الأقدار هذا المستقبل الزاهر؟! أما أنت مثله جميل الوجه زكي الفؤاد؟ ألا يجول في عروقك وعروقه دم واحد يا جيمس؟
فأجابه ولده: نعم يا أبي، ولكنه ابن أخيك البكر. - هو ذاك، غير أن أخي شديد الهوس بصيد الحيوانات الضارية، فما يمنع أن يقتله نمر أو أسد؟ - وهبه قتل فإن ولده روجر يبقى حيا، وهو في أتم عافية كما ترى. - ألم يكن أخوه ليونيل في أتم عافية أيضا، ومع ذلك فقد مات بين يدي حاضنته؟ - وإذا مات أخوه روجر؟ - تصبح أنت وريث لقب اللوردية إذا مات أخي قبلي. - إن الأطفال الذين لم يخلقوا في الهند لا يعيشون إذ لا يطيقون احتمال مناخها الحار. - نعم، ولكن الخطر على الأطفال هنا لا يقتصر على الحميات، فقد يموتون أيضا من عضاض الأفاعي وغيرها من الحشرات السامة.
وفيما هما يتحدثان سمعا صوت ناي يعزف في الطريق تحت الردهة، فقاما وأطلا؛ فرأيا رجلا يلاعب الأفاعي في الطريق والناس من حوله يتفرجون.
وقد وقفا يتفرجان إلى أن شعر السير جاك بيد لمست كتفه، فالتفت فرأى السير روبرت فيلدن فقال: أهلا بك أيها الصديق، فما شرفني بقدومك؟
فتأبط السير روبرت ذراعه وقال له: إذا كانت راقت لك هذه الفرجة، فانزل إلى الطريق ترها عن كثب.
وقد تبادل الأب وابنه نظرة سريعة خفيت على السير روبرت، ثم نزل الابن إلى الطريق ودخل السير جاك بزائره إلى إحدى القاعات وقال له: عهدي بك أنك كنت في حفلة الصيد مع أخي، فهل قتلت نمرا أم جئتني بنبأ من هذا الأخ العزيز؟
قال: الحق أني قتلت نمرا، ولكني سئمت من صيد النمور، وجئت أبحث عن حيوان أشد فظاعة منها. - ما هذا الحيوان؟ - هو حيوان هائل من طبعه مهاجمة أعراض النساء.
فقطب السير جاك حاجبيه ومضى السير روبرت في حديثه فقال: وهو حيوان يمشي على قدميه كالإنسان، ولكن ليس له شيء من صفات الإنسان، ومع ذلك فإنه يلقب بلقب الأشراف، ويدعى السير جاك إسبرتهون.
فوقف السير جاك وقد وضع يده على قبضة حسامه وأخرج السير روبرت غدارة فصوبها إليه وقال: إنك إذا لم تصغ إلي بملء السكينة ألهبت دماغك، فاعلم أني لا أريد قتلك بالغدارة كما تستحق، بل أريد قتلك بمبارزة كأنك من الأشراف؛ فقد وعدت ضحيتك اللادي سسلي أن أقتلك أو أموت من يدك.
فاستولى الخوف على السير جاك وقال له: وإذا أبيت أن أبارزك؟ - إذن فاعلم أنه لا يوجد ضابط إنكليزي في هذه البلاد لا يعرفك حق العرفان، وكلهم يحتقرونك ويودون لك الموت لتنجو الإنسانية من شرورك، فلا يوجد هنا من يحميك غير أخيك.
অজানা পৃষ্ঠা