ولقد أسفت على السيدة البرنسيس دي بوربون كل الأسف، حيث إنها كانت لا تزال مريضة من أثر الصدمة العنيفة التي أصابتها بالنوبة القلبية، ولم تكن قد تركت فلا إليزابث بعد، بل إنها استقرت بها وعاشت فيها تعالج نفسها مما ألم بها. ولقد فهمت أن جلالة إمبراطور أوستوريا يمدها بكرمه المعهود بمبلغ طيب من المال يعينها على الحياة في هدوء وراحة.
أما عن جلالة ملك فرنسا السابق فقد عاش في هولندا، وقد أخبروني أن زوجته قد لاقت نجاحا عظيما في برلين أيضا. وقد انصرف الملكيون عن لويس التاسع عشر، وأخلص الجميع إلى جلالة الملك هنري الخامس ملك فرنسا الشرعي، وكانوا يرجون اليوم الذي ينال فيه حقوقه ويعتلي عرش فرنسا، وقد سقط نهائيا اسم لويس التاسع عشر من قائمة ملوك فرنسا.
باريس في 9 نوفمبر سنة 1862
ذهبت لرؤية صورة جديدة عرضت في معرض الصور باسم سيرل برتراند، وطلبت من المدير أن يمهد لي سبيل الاتصال بالرسام، ولكنه أخبرني بأن هذا مستحيل لأسباب لم يرد أن يبينها لي ... وتعرفت إلى سكرتير المدير وكان شابا لطيفا لم يرفض المبلغ الذي قدمته له لكي يعطيني ما أطلب من المعلومات عن السيد برتراند.
ولقد أدهشني ما أخبرني به؛ فقد أطلعني على آخر خطاب وصل من الفنان، وكان الخطاب مرسلا من إنجلترا حيث كان يقيم، ولم يكن اسمه برتراند مطلقا بل كان اللورد لونجفيل، وطبعا لا بد أنه أصبح رجلا عظيما ذا ثروة طائلة. وكان قد ختم خطابه بهذه الكلمات: «ولسوف أقيم في الاستوديو القديم في ميدان ريمور»، ووصف لي السكرتير الصغير ميدان ريمور، ودلني على سبيل الوصول إليه.
10 نوفمبر
لقد حمدت الله على مساعدته لي في سبيل الوصول إلى معرفة مقر السيد برتراند، وكان ما علي أن أفعله بعد ذلك أن أتصل بالبارون كريستوف، وكان قد استقر به المقام في باريس في قصره الجميل بشارع دي فاريني، وجاء ليراني في الفندق الذي نزلت به، وقد صحب ابنته معه هذه المرة، وكانت فيرونيك صغيرة مشرقة كما كانت آخر مرة رأيتها فيها. وتحدثنا طويلا دون أن أشير إلى ذكر سيرل صراحة، وحاولت أن أسلي الفتاة بإلقاء أسئلة عديدة عليها، وكانت على ذكاء نادر استطاعت به أن تدرك ما أرمي إليه، ولقد سرها أن أطلب منها أن تأتي من وقت لآخر لمشاركة رجل هرم في وحدته.
وزارتني مرارا وكنا نتحدث في شئون شتى، ولم يمض أسبوعان حتى أصبحنا صديقين حميمين.
وفي الثالث من هذ الشهر، أخذت عربة إلى طريق كليشي وتركت العربة عند مدخل ميدان ريمور، وذهبت للبحث عن صديقي القديم سيرل برتراند، وساعدتني الاستعلامات التي حصلت عليها من السكرتير الصغير في العثور على الاستوديو. وفتحت لي الباب خادم أخبرتني أن المسيو برتراند في الخارج، كما أنه لا يقابل أحدا من زائريه، ولقد قام جنيه قدمته لها بإزالة كل عقبة في طريقي، فأدخلتني إلى الاستديو، حيث أخذت مقعدا أمام النار وانتظرت هكذا نصف ساعة إلى أن حضر سيرل برتراند، وقابلني ببشاشة وإيناس، وقد لاحظت أنه قد عاد بذاكرته إلى الوراء حيث شاهدني أول مرة في الحفل العظيم، وتحدثنا في شئون شتى، وقد حاولت أن أتحاشى ذكر اسم البارون كريستوف وابنته، وإن تكلمنا عن السيدة البرنسيس وجلالة ملك فرنسا السابق، ثم الكونت فريزن الذي نقل إلى سفارة أوستوريا في لندن، وكانت علاقات المودة والصداقة بينه وبين سيرل ما زالت على أحسن حال.
وأخيرا افترقنا ونحن أصدقاء، وقد وعدني سيرل بأنه سيوف يحضر لرؤيتي بالفندق في صباح الغد، غير أنني كنت أشعر بشيء من الكآبة بعد تركي إياه، إذ كان يبدو عليه أنه تغير كثيرا وظهر عليه تأثير الزمن والحياة، فبان متقدما في السن.
অজানা পৃষ্ঠা