ولما وجدت من صمت فريزن ما يدل على قلة وثوقه من فائدة هذا، استأنفت قائلة: يمكننا أن نفعل هذا يا فريزن، أنت لا تجهل قوة تأثيري وإياك عليه، فوق ما تفعله ملايين كريستوف بسان أماند هذه لو لوحنا لها بشيء منها في مقابل ترك لويس، وأنا قمينة بأن المال لديها سوف يتغلب على رغبتها في لويس، يمكننا أن نفعل هذا يا فريزن، ويجب أن نفعله.
ولم يقل فريزن شيئا بل ظل شاردا يفكر في هذا الاقتراح الجديد الذي عرضته السيدة، فقد كانت امرأة لا ينضب معين نشاطها، ولا يقف تدبيرها عند حد، فوق أنها ولوعة بالسيادة والتسيطر. وأخيرا قالت له: والآن خبرني هل لديك اعتراض؟
وانتظر فريزن قليلا قبل أن يجيب، ثم قال: حسنا، إنني أصارحك القول بأني لا أظن أن سيرل سوف يفعل ما أردت منه. - ماذا تعني؟ - أعني أنه سوف يكسر عصاه ويجري كما يقولون. - ماذا يدعوك لأن تظن هذا؟ - لأنه قال لي هذا صباح اليوم، ثم لأنني أعلم أنه عنيد، ومن الصعب تغيير رأيه. - لا تنس أنه وافق من قبل على أن يلعب دوره. - تحت تأثير ظرف واحد، وهو منع الفضيحة عن الفتاة المسكينة وإنقاذها من العار، ولأنه كما قلت الآن مغرم بها. - إذا كان رفض سيرل هو ما تخاف منه فلا تفكر في هذا. - كيف؟ إني أكاد لا أرى عائقا أقوى منه.
فقالت السيدة بنفاد صبر: أيها الرجل الطيب، كيف لك أن تظل في معالجة الشئون السياسية طول هذا العمر، ثم لا تعرف حتى الآن عن الطبيعة البشرية؟ قل لأي رجل محب إنه يستطيع أن يبقى يوما آخر أو ساعة أخرى مع من يحب، قبل أن يفترق عنها ربما إلى الأبد، وانظر ما إذا كان سيجيبك بنعم أو بلا، أشكرك فقد اكتفيت! تكلم مع سيرل في هذا الموضوع، وسترى أنني كنت واثقة من النتيجة.
وسكت فريزن قليلا ثم غمغم: نعم، سوف أتحدث إليه.
فقالت مستأنفة حديثها: وماذا غير سيرل؟ - هناك الفتاة سان أماند، فإنها تستطيع أن تعطل عملنا في أي لحظة. - سوف أتدبر أمر الفتاة سان أماند هذه، إنها خطرة، أعلم ذلك ولكنني أستطيع أن أتفق معها. - كيف؟ بالرشوة، التي لا شك أنها ستتحول إلى ضريبة مستمرة؟ - ليس بالرشوة وحدها. - بالتهديد؟ - بما يشبه ذلك، وسوف أذكره لك في حينه، والآن سأبين لك ما يجب علينا عمله، إن جلالته مع تلك الفاجرة في فلا أجلانتين، فسوف أرسل نوسي ليراقب خروجها، وعند هذا تذهب أنت وتراه يا فريزن وسوف يكون جلالته وحيدا، ويمكنك أن تجعله يرى الطريق الصواب، أنت ماهر جدا يا فريزن، ويمكنك أن تشرح الموضوع له بسهولة وتقنعه، وفوق هذا فإنه عندما يعرف أنه هو وألين سيصبحان صعلوكين فقيرين سوف تجده قد غير رأيه. إننا نعيش - كما تعلم - على تلك الإمدادات التي يرسلها إلينا أصدقاؤنا في الخارج، فإذا حدثت الفضيحة انقطعت هذه عنا، ولا يبقى لدي سوى تلك الثروة الضئيلة التي تركها لي زوجي الإنجليزي، وهي لا تكفي ليعيش بها جلالة الملك السابق في بذخ، ها أنت ترى أنني أقول لك الصدق بصراحة، ألا ترى هذا يا فريزن؟
فأومأ فريزن قائلا: نعم، أنا أعلم ذلك. - وسوف تعرف تماما كيف تقول هذا لجلالته، أليس كذلك؟ - إذا استطعت أن أراه. - يجب أن تراه يا فريزن، يجب من أجلنا جميعا، ثم بعد أن تتكلم معه عليك أن تحضره رأسا إلى هنا.
وأطرق فريزن هنيهة يفكر، وأخيرا رفع رأسه قائلا: ماذا في أن تكتبي سطرا لجلالته، إنه ينتظر جوابا لرسالته، فإذا لم ينله ربما اندفع إلى عمل غير مرغوب.
وقامت السيدة في الحال واتجهت نحو مكتبها وهي تقول: الحق معك، سأرسل له بضع كلمات.
وجلست ثم كتبت كلمات قلائل، وقرأتها لنفسها، وألقت فوقها التراب ليجفف الحبر الرطب، ولكنها قبل أن تضع الورقة في الغلاف قدمتها لفريزن ليقرأها وهي تقول: أظن أن هذا فيه الكفاية، ثم إني لم أذكر مجيئك لزيارته طبعا، وقرأها فريزن وكانت بغاية الاختصار، وقد جاء فيها:
অজানা পৃষ্ঠা