ورفعت يديها ببطء وهي تشير نحو العربة الفخمة التي اختفت عن الأنظار تتبعها الهتافات المتعددة، ثم قالت: انظري إلى هذا البونابرتي كيف دبر الخطط ونظمها للوصول إلى العرش وقد نجح في النهاية، ومن يكون هذا إن لم يكن سوى شحاذ اعتلى أعظم عرش في أوروبا، ذلك العرش الذي يجب أن يختص به ولدي لويس التاسع عشر ملك فرنسا؟
فلما ازداد انفعال السيدة البرنسيس ازداد صوتها قوة واتضحت فيه لهجتها الإسبانية، وإذا بها تسير جيئة وذهابا في الشرفة لتهدئ من حدة اضطرابها.
وقامت فيرونيك تتبعها وهي لا تقل عنها انفعالا، وقد حرك الجو الذي أثارته شتائم السيدة المنفعلة الدم حارا إلى خدي الفتاة، وكان ذهنها يشتغل باحثا عما يجب أن تفعله لتساعدها وما سوف يفعله والدها عندما تستعطفه وتتعطفه؛ أن سوف يمد يد المساعدة إليها، إنها واثقة من هذا، لو كان يعلم كيف أنها تأثرت منه، إن والدها لا يمكن أن يرفض لها طلبا ما دامت تطلب منه وتستعطفه بإلحاح.
وضمت فيرونيك يدها إلى صدرها ودعت ربها بحرارة وقوة لم تصدر من قلبها من قبل: يا إله السماء، يا ملك الملوك، سدد خطوات لويس التاسع عشر ملك فرنسا في استعادة عرشه! •••
بعد ذلك بأيام قلائل أذنت السيدة للبارون بإخبار ابنته بمشروع الزواج المنتظر بلويس التاسع عشر، وانعقد لسان فيرونيك لدى سماعها هذه الأخبار، أتكون ملكة فرنسا؟! إن هذا لا يمكن أن يصدق أحد وقوعه لامرأة، وأغمضت عينيها وحاولت أن تتصور ما يقصد بكل هذا، وعاد إلى ذهنها ما قالته السيدة البرنسيس عن كل تلك الأشياء الجميلة العجيبة الرائعة، التي ستحدث عندما يصبح لويس ملكا على فرنسا، وتصورت قداسة البابا وهو يرفع بين يديه تاج ماري أنطوانت!
لا يمكن أن يكون هذا حقيقة، لا بد أنه حلم وأن والدها كان يسخر منها، وأنها سوف تستيقظ حالا وتتحقق من أن كل هذا لم يكن سوى حلم.
وأمسك أبوها بيدها وأخذها على ركبته ، وفتحت عينيها وهي تنظر إلى وجهه مسددة نظرها في عينيه، فرأت فيهما بريقا لم تشاهده من قبل، حب، انفعال، نصر، كل هذه كانت تتلألأ في تينك العينين الشفوقتين اللتين تفيضان حنانا ورقة. - صغيرتي فيرونيك، ملكة فرنسا!
واغرورقت عيناها: أهذا حقيقي؟ فأطرق مؤكدا.
وأحست برغبة في الصياح؛ فقد كانت أصغر بكثير من أن تتحمل أعصابها مثل هذه الصدمة العنيفة، وألقت برأسها على كتف والدها وصرخت، وضحكت، بينما كانت يده تمر برفق على رأسها الصغير.
الفصل الثالث
অজানা পৃষ্ঠা