মালামতিয়া সুফিয়া আহলে ফুতুওয়া
الملامتية والصوفية وأهل الفتوة
জনগুলি
36 (16)
ذكر أسماء [مختصر الكتاب الأول الذي هو الطبقات]: مخطوط بمكتبة كوبرولو رقم 1603.
وقد توفي أبو عبد الرحمن السلمي سنة 412ه / 1021م. (2) رسالة الملامتية [47ب]
37
الحمد لله الذي اختار من عباده عبادا جعلهم أئمة في بلاده، فزين بعبادته ظواهرهم، ونور بواطنهم بمعرفته ومحبته، ودلهم على معرفة أنفسهم، ومكنهم من تذليلها، وعرفهم مكرها، وأعانهم على تصغيرها وتحقيرها، فهم العلماء بالله وأحكامه، والقائمون بأمره والعارفون بإنعامه، والله يختص برحمته من يشاء. سألتني وفقك الله أن أبين لك طريقا من طرق «أهل الملامة» وأخلاقهم وأحوالهم، فاعلم رحمك الله أنه ليست للقوم كتب مصنفة، ولا حكايات مؤلفة، وإنما هي أخلاق وشمائل ورياضات، وأنا ذاكر من ذلك قدر وسعي وطاقتي أطرافا يستدل بها على ما وراءها من سيرهم وأحوالهم، بعد أن أستعين بالله في ذلك وأستوفقه وأستهديه، وهو حسبي ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اعلم وفقك الله الرشاد أن أرباب العلوم والأحوال على طبقات ثلاث: طبقة انتدبوا إلى علوم الأحكام والاشتغال على جمعها ومنعها، وبذلها وعطائها، ولا يخبرون عما عليه الخواص من أهل المعاملات والمنازلات والمشاهدات، وهم علماء الظاهر وأرباب الاختلافات والمسائل التي بها يحفظون أساس الشريعة وأصول الدين، وإليهم المرجع في تصحيح المعاملات وتقييدها بالكتاب والسنن. فهم علماء الشرع وأئمة الدين، ما لم يخلطوا عملهم ويدنسوا، بطبع أنفسهم، بجمع شيء من حطام هذه الفانية، فحينئذ يسقط عنهم الاقتداء، فلا يكونون من أهله. والطبقة الثانية منهم الخواص الذين خصهم الله تعالى بمعرفته، وقطعهم عما فيه الخلق من جميع الأشغال والإرادات، فشغلهم بالله وإرادتهم له، فلا حظ لهم فيما فيه الخلق من أسباب الدنيا، ولا لهم همة فيما هم فيه من جميع جهاتها، بل همتهم مجتمع الهمة له وعليه، فلا لهم مع الخلق قرار، ولا لغيرهم إليه سبيل بحال. بل هم خواص [48أ] الخواص الذين خصهم الله بأنواع الكرامات وقطع أسرارهم عن المكنونات، فكانوا له وبه وإليه. وهذا بعد أن أحكموا طريق المعاملات، وحفظوا على أنفسهم ألسن المجاهدات، فأسرارهم إلى الحق ناظرة، وإلى الغيوب متطلعة، وجوارحهم بزينة العبادات مزينة، لا يخالف ظاهرهم شيئا من سنن الشرع، ولا يغيب باطنهم عن ملاحظة الغيب. وهم الذين قال فيهم النبي
صلى الله عليه وسلم : «من جعل الهموم هما واحدا كفاه الله سائر همومه.» فهؤلاء أهل المعرفة بالله عز وجل. والطبقة الثالثة، وهم الذين لقبوا بالملامتية: وهم الذين زين الله تعالى بواطنهم بأنواع الكرامات من القربة والزلفة والاتصال، وتحققوا في سر السر في معاني الجمع، بحيث لم يكن للافتراق عليهم سبيل بحال من الأحوال، فلما تحققوا في الرتب السنية من الجمع والقربة والأنس والوصلة، غار الحق عليهم أن يجعلهم مكشوفين للخلق، فأظهر للخلق منهم ظواهرهم التي هي في معنى الافتراق من علوم الظواهر، والاشتغال بأحكام الشرع وأنواع الأدب، وملازمة المعاملات، فيسلم لهم حالهم مع الحق في جمع الجمع والقربة، وهذا من أسنى الأحوال ألا يؤثر الباطن على الظاهر. وهذا شبيه بحال النبي
صلى الله عليه وسلم
لما رفع إلى المحل الأعلى من القرب والدنو، وكان قاب قوسين أو أدنى، ثم لما رجع إلى الخلق تكلم معهم في الأحوال الظاهرة، ولم يؤثر من حال الدنو والقرب على ظاهره شيء. والحال التي تقدم ذكرها كحال موسى عليه السلام [من] أنه لم يطق أحد النظر إلى وجهه بعدما كلمه الله عز وجل. وذلك شبيه بحال الصوفية، وهم الطبقة الثانية ممن تقدم ذكرنا لهم، وهم الذين تظهر عليهم أنوار أسرارهم. وأهل الملامة إذا صحبهم المريدون دلوهم على ما يظهرون لهم من الإقبال على الطاعة واستعمال السنن في جميع الأوقات وملازمة الآداب ظاهرا وباطنا في كل الأحوال. ولا يمكنونهم من الدعاوى والإخبار عن آية أو كرامة ولا الاستناد إليه، بل يدلونهم [48ب] على تصحيح المعاملات وإدامة المجاهدات، فيأخذ المريد في طريقهم ويتأدب بآدابهم، وإذا رأوا منه تعظيما لشيء من أفعاله وأحواله بينوا له عيوبه ودلوه على إزالة ذلك العيب لئلا يستحسنوا شيئا من أفعالهم ولا يعتمدوها. ومتى ادعى المريد عندهم حالا أو لنفسه مقاما، صغروا ذلك في عينه إلى أن يتحقق صدق إرادته وظهور الأحوال عليه، فيدلونه على ما هو عليه من سر الأحوال وإظهار الآداب من الأوامر والنواهي، فيكون تصحيح المقامات كلها عليه في حال الإرادة؛ فبصحة الإرادة عندهم تصح المقامات كلها إلا مقام المعرفة. والمريد إذا تأدب بغيرهم أطلقوا له الدعاوى في حال الإرادة، فيأخذ أحوال الأئمة سترا لنفسه، فيدعي بها، فلا يزيدهم مرور الأيام عليه إلا إدبارا وبعدا عن سبيل الحق وطريقه؛ ولذلك كان شيخ هذه القصة أبو حفص النيسابوري قدس الله روحه
38
অজানা পৃষ্ঠা