[المبادرة إلى الخير]
يا بني: وما كان لأوله ابتداء، فلآخره انقضاء، ولا بد أن يجري عليه عند نهايته الفناء، وإذا أوجبت العطية فأسرع بها البدار، وأنجز موعدك لأهل الاضطرار، قبل أن يذهب نشاطك، وينقبض انبساطك، وعجل بالمعروف، كي يتجدد لك شكر الملهوف، وإذا أردت إنعاما وإتحافا فلا ترد بذلك مطلا، وكن عند نفسك لما دعتك إليه من ذلك أهلا، ولا تكدره بالتأخير، ولا تستدع الذم فيه بضرب المعاذير، فإن ذلك منقصة لك عند الصغير والكبير.
يا بني: ارع سالف الحرمة وأد حقها، وسدد طرقها، ولا تنس ذمتها، ولا تمل طول صحبتها، فيعود ذو الثقة بكمن وفائك يائسا، ويظهر لك بعد الاسفار وجها عابسا، وأرفد من أتاك متسترفدا، وكن له بما يمكنك مستعدا، فإن عجزت عن رفده، فاردد عليه ماء وجهه بما يحسن من رده، مع بشر تبسطه، وتحل من ورطه، فإن ضربت له عذرا عذر، وإن أوليته وأنلته معروفا شكر، وعد القليل مع الانبساط كثيرا، والكثير مع الجبروتحقيرا.
পৃষ্ঠা ২১৪