রসাইল ও মাসাইল সংকলন

ইবনে তাইমিয়া d. 728 AH
90

রসাইল ও মাসাইল সংকলন

مجموعة الرسائل والمسائل

প্রকাশক

لجنة التراث العربي

لذلك الفعل في العبد أو أمر تكوين لكون العبد على ذلك الحال فهو سبحانه هو الذي خلق الإنسان هلوعًا، إذا مسه الشر جزوعًا، وإذا مسه الخير منوعًا، وهو الذي جعل المسلمين مسلمين كما قال الخليل: " ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك " فهو سبحانه جعل العباد على الأحوال التي خلقهم عليها وأمره لهم بذلك أمر تكوين بمعنى أنه قال لهم: كونوا كذلك فيكونون كذلك، كما لو قال للجماد كن فيكون فأمر التكوين لا فرق فيه بين الجماد والحيوان وهو لا يفتقر إلى علم المأمور ولا إرادته ولا قدرته لكن العبد قد يعلم ما جرى به القدر في أحواله كما يعلم ما جرى به القدر في أحوال غيره، وليس في ذلك علم منه بأن الله أمره في الباطن بخلاف ما أمره به في الظاهر بل أمره بالطاعة باطنًا وظاهرًا، ونهاه عن المعصية باطنًا وظاهرًا، وقدر ما يكون فيه من طاعة ومعصية باطنًا وظاهرًا، وخلق العبد وجميع أعماله باطنًا وظاهرًا، وكون ذلك بقوله: " كن باطنًا وظاهرًا " وليس في القدر حجة لابن آدم ولا عذر بل القدر يؤمن به، ولا يحتج به، والمحتج بالقدر فاسد العقل والدين متناقض، فإن القدر إن كان حجة وعذرًا لزم أن لا يلام أحد ولا يعاقب ولا يقتص منه وحينئذ فهذا المحتج بالقدر يلزمه إذا ظلم في نفسه وماله وعرضه وحرمته أن لا ينتصر من الظالم ولا يغضب ولا يذمه، وهذا أمر ممتنع في الطبيعة لا يمكن أحدًا أن يفعله فهو ممتنع طبعًا محرم شرعًا. ولو كان القدر حجة وعذرًا لم يكن إبليس ملومًا معاقبًا ولا فرعون وقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم من الكفار ولا كان جهاد الكفار جائزًا ولا إقامة الحدود جائزًا لا قطع السارق ولا جلد الزاني ولا رجمه ولا قتل

1 / 89