وهو توحيد الألوهية، وهو عبادته وحده لا شريك له، وطاعته وطاعة رسوله، وفعل ما يحبه ويرضاه، وهو ما أمر الله به ورسوله أمر إيجاب أو أمر استحباب، وترك ما نهى الله عنه ورسوله، وموالاة أوليائه، ومعاداة أعدائه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
وجهاد الكفار والمنافقين بالقلب واليد واللسان. فمن لم يشهد هذه الحقيقة الدينية
الفارقة بين هؤلاء وهؤلاء ويكون مع أهل الحقيقة الدينية وإلا فهو من جنس
المشركين وهو شر من اليهود والنصارى، فإن المشركين يقرون بالحقيقة الكونية
إذا هم يقرون بأن الله رب كل شيء كما قال تعالى (ولئن سألتهم من خلق السموات
والأرض ليقولن الله) وقال تعالى (قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون؟
سيقولن لله قل أفلا تذكرون؟ قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم؟
سيقولون: الله (١) قل أفلا تتقون؟ قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه
إن كنتم تعلمون؟ سيقولون الله قل فأنى تسحرون؟) ولهذا قال سبحانه (وما يؤمن أكثرهم بالله
إلا وهم مشركون) قال بعض السلف تسألهم من خلق السموات والأرض؟ فيقولون الله وهم مع
هذا يعبدون غيره.
من أقر بالقضاء والقدر دون الأمر والنهي الشرعيين فهو أكفر من اليهود والنصارى (٢) فإن
أولئك يقرون بالملائكة والرسل الذين جاؤا بالأمر والنهي الشرعيين لكن آمنوا ببعض وكفروا
ببعض كما قال تعالى (إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون
نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا. أولئك هم الكافرون حقًا)
_________
(١) هذه قراءة أبي عمرو ويعقوب في الآية وما بعدها وقرأ الباقون (لله) وهي المشهورة عندنا
(٢) الإصطلاح الشرعي أن الكفر إذا أطلق انصرف إلى ما يقابل الإسلام ويضاده فالمراد هنا أن من المسلمين جنسية أو ادعاء من يكفر بمسائل أكثر مما يكفر به أهل الكتاب. وإذا أطلق الكفر في عرف هذا العصر فالمراد به الإلحاد والتعطيل المطلق ولا يدخل فيه أهل الكتاب كما هو ظاهر
1 / 4