قالوا : وإذا طالت الدلجة واشتد السير، وبعد المنزل، وانتصف النهار، واشتد التعب، وشغل الناس الكلال، وصمت المتسايرون فلم ينطقوا، وقطعهم ما هم فيه عن التشاغل بالحديث، وتفسخ كل شيء من شدة الحر، وخمد كل شيء من شدة البرد، وتمنى كل جليد القوى على طول السرى أن تطوى له الأرض، وكلما رأى خيالا أو أبصر علما سر به واستبشر، وظن أنه قد بلغ المنزل؛ فإذا بلغه الفارس نزل وهو متفحج كأنه صبي محقون، يئن أنين المريض، ويستريح إلى التثاؤب، ويتداوى مما به بالتمطي والتضجع. وترى التركي في تلك الحال وقد سار ضعف ما ساروا وقد أتعب منكبيه كثرة النزع، يرى قرب المنزل عيرا أو ظبيا، أو عرض له ثعلب أو أرنب، خيركض ركض مبتدئ مستأنف، كأن الذي سار ذلك السير وتعب ذلك التعب غيره.
পৃষ্ঠা ৫০