والخارجي لا يحسن أن يعالج فرسه إلا معالجة الفرسان لخيولهم، والتركي أحذق من البيطار، وأجود تقويما لبرذونه على ما يريده من الراضة وهو استنتجه، وهو رباه فلوا، وتتبعه إن سماه، وإن ركض ركض خلفه. وقد عوده ذلك حتى عرفه، كما يعرف الفرس أقدم، والناقة حل، والجمل جاه، والبغل عدس، والحمار ساسا، وكما يعرف المجنون لقبه والصبي اسمه.
ولو حصلت عمر التركي وحسبت أيامه لوجدت جلوسه على ظهر دابته أكثر من جلوسه على ظهر الأرض. والتركي يركب فحلا أو رمكة، ويخرج غازيا أو مسافرا، أو متباعدا في طلب صيد، أو سبب من الأسباب، فتتبعه الرمكة وأفلاؤها، إن أعياه اصطياد الناس اصطاد الوحش، وإن أخفق منها أو احتاج إلى طعام فصد دابة من دوابه، وإن عطش حلب رمكة من رماكه، وإن أراح واحدة تحته ركب أخرى من غير أن ينزل إلى الأرض. وليس في الأرض أحد إلا وبدنه ينتفض على اقتيات اللحم وحده غيره؛ وكذلك دابته تكتفي بالعنقر والعشب والشجر، لا يظلها من شمس ولا يكنها من برد.
পৃষ্ঠা ৪৮