الشدة الأولى التركي فيها أحمد أثرا، وأجمع أمرا، وأحكم شأنا؛ لأن التركي من أجل أن تصدق شدته ويتمكن عزمه، ولا يكون مشترك العزم ولا منقسم الخواطر، قد عود برذونه ألا ينثنى وإن ثناه، أن يملأ فروجه للأمر يديره مرة أو مرتين، وإلا فإنه لا يدع سننه، ولا يقطع ركضه. وإنما أراد التركي أن يوئس نفسه من البدوات، ومن أن يعتريه التكذيب بعد الاعتزام، لهول اللقاء، وحب الحياة؛ لأنه إذا علم أنه قد صير برذونه إلى هذه الغاية حتى لا ينثني ولا يجيبه إلى التصرف معه إلا بأن يصنع شيئا بين الصفين فيه عطبه، لم يقدم على الشدة إلا بعد إحكام الأمر، والبصر بالعورة. وإنما يريد أن يشبه نفسه بالمحرج الذي إذا رأى أشد القتال لم يدع جهدا ولم يدخر حيلة، ولينفي عن قلبه خواطر الفرار، ودواعي الرجوع.
وقال: الخارجي عند الشدة إنما يعتمد على الطعان، والأتراك تطعن طعن الخوارج، وإن شد منهم ألف فارس فرموا رشقا واحدا صرعوا ألف فارس، فما بقاء جيش على هذا النوع من الشدة!
والخوارج والأعراب ليست لهم رماية مذكورة إلى ظهور الخيل، والتركي يرمى الوحش والطي، والبرجاس، والناس والمجثمة، والمثل الموضوعة، ويرمى بعشرة أسهم قبل أن يفوق الخارجي سهما واحدا، ويركض دابته منحدرا من جبل، أو مستفلا إلى بطن واد بأكثر مما يمكن الخارجي على بسيط الأرض.
পৃষ্ঠা ৪৫