وأنا أقول: إن كان لا يمكن ذلك في مناقب الأتراك إلا بذكر مثالب سائر الأجناد، فترك ذكر الجميع أصوب، والإضراب عن هذا الكتاب أحزم، وذكر الكثير من هذه الأصناف بالجميل، لا يقوم بالقليل من ذكر بعضهم بالقبيح، لأن ذكر الأكثر بالجميل نافلة، وباب من التطوع، وذكر الأقل بالقبيح معصية، وباب من ترك الواجب. وقليل الفريضة أجدى علينا من كثير التطوع.
ولكل نصيب من النقض، ومقدار من الذنوب؛ وإنما يتفاضل الناس بكثرة المحاسن وقلة المساوى. فأما الاشتمال على جميع المحاسن، والسلامة من جميع المساوئ دقيقها وجليلها، وظاهرها وخفيها، فهذا لا يعرف.
وقد قال النابغة:
ولست بمستبق أخا لا تلمه
على شعث، أي الرجال المهذب
وقال حر يش السعدي:
أخ لي كأيام الحياة إخاؤه
تلون ألوانا على خطوبها
إذا عبت منه خلة فتركته
دعتني إليه خلة لا أعيبها
وقال بشار:
إذا كنت في كل الأمور معاتبا
خليلك لم تلق الذي لا تعاتبه
পৃষ্ঠা ৩৭