وإذا كان المولى منقولا إلى العرب في أكثر المعاني، ومجعولا منهم في عامة الأسباب، لم يكن ذلك بأعجب ممن جعل الخال والدا، والحليف من الصميم، وابن الأخت من القوم.
وقد جعل ابن الملاعنة المولود على فراش البعل منسوبا إلى أمه.
وقد جعلوا إسماعيل وهو ابن عجميين عربيا؛ لأن الله تعالى فتق لهاته بالعربية المبينة على غير التلقين والترتيب، ثم فطره على الفصاحة العجيبة على غير النشو والتقدير، وسلخ طباعه من طبائع العجم، ونقل إلى بدنه تلك الأجزاء، وركبه اختراعا على ذلك التركيب، وسواه تلك التسوية، وصاغه تلك الصياغة، ثم حباه من طبائعهم، ومنحه من أخلاقهم وشمائلهم، وطبعه من كرمهم وأنفتهم وهمهم على أكرمها وأمكنها، وأشرفها وأعلاها، وجعل ذلك برهانا على رسالته، ودليلا على نبوته؛ فكان أحق بذلك النسب، وأولى بشرف ذلك الحسب.
وكما جعل إبراهيم أبا لمن لم يلده، فالبنوي خراساني من جهة الولادة، والمولى عربي من جهة المدعى والعاقلة. وإن أحاط علمنا بأن زيدا لم يخلق من نجل عمرو إلا عهارا لنفيناه عنه، وإن وثقنا أنه لم يخلق من صلبه.
পৃষ্ঠা ৩১