--- وأما ما ذكرت أيدك الله تعالى من أخذ المعاون، وقولك: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:(( كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله )) . وقوله عليه السلام: (( حرمة مال المسلم كحرمة دمه... )) إلى غير ذلك من الأقوال المحرمة لأمور المسلمين. فاعلم أبقاك الله أنا وددنا من المسلمين أن يتحرموا أموالهم بينهم ونفوسهم وأعراضهم, إلا ما أحل الله سبحانه من ذلك، ولو عمل الناس بذلك ما احتيج إلى مقوم يثبت عوجهم, ويصلح أودهم، ولاستغنى الخلق عن الإمام, في أكثر الأحكام، وها نحن والحمد لله لا نقول افتخارا آمرون بالمعروف ناهون عن المنكر، كافون لأيدي الناس, قامعون لضرهم، فما انتهى الخلق عن ذلك إلا بالشاق من الأعمال، ثم أقبلوا مع سعينا في صلاحهم على استهلاك أعراضنا، ونحن نعلم أنه لو لا وقاية من الله تعالى ومعونة لاستهلكوا الأرواح والأموال، وليس الخبران بجاريين - حفظك الله - على عمومهما، بل يجوز استهلاك بعض من أموال المسلمين مع إسلامهم وصلاحهم، نحو ما أوجب الله تعالى من الحقوق المعينة من الزكوات، والفطر والأخماس والكفارات، وكذلك من الحقوق التي ليست بمعينة المقدار, نحو المعاون في الجهاد ونفقة الزوجات والأقارب، وأجناس ذلك, فالخبران مخصوصان بالأدلة الدالة على لزوم هذه الحقوق في المال، قال الله تعالى في المعاون في الجهاد: { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } , فإذا كان لا يمكن التعاون على الجهاد إلا بأخذ المال، كان أخذه واجبا بحكم الكتاب، وقال تعالى في قصة ذي القرنين وطلبه المعونة من الناس: { أعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما أتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدقين } , ? قال انفخوا حتى إذا جعله نار قال أتوني أفرغ عليه قطرا } , فألزمهم المعونة بالحديد والصفر والاشتغال بالأعمال الشاقة، حتى جعل على الأرض جبلا حاجزا، وذلك لا يحصل إلا بمال كثير، وذلك يدل على أنه
পৃষ্ঠা ৬২