--- إنما يحزن على النعمة أهلها, ويتبرم بمفارقة اللذات من اعتادها, وكم عسى أن يكون نعيمها وهي إلى زوال؟! وراحتها وهي إلى تغير وانتقال؟! إنما المكدر للذاتها, من حمل أهلها على مفارقة عاداتها, من شرب القهوات، وإذهاب الأوقات, في غير الطاعات، وانتظار الصلوات بعد الصلوات، ونقل الخطى إلى الجماعات، وإسباغ الوضوء في السبرات, وهو لا يزال شجا في حلوقهم، وقذى في عيونهم، ما مد الله مدته, وبسط بسطته, فليموتوا بغيظهم كظما، وليستبدلوا بوجود ملكهم عدما, وعن قريب يظهر الحق على الباطل، ويتميز المستقيم من المائل، { وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا } بين من قرباؤه الصالحون المهتدون، وبين من خلطاؤه المردة المفسدون، وبين من ناصره رب العالمين، ومن يعتمد في نصرته على الكفرة الجاحدين, والباطنية الملحدين، وبين من عيون أنصاره العلماء، ومن عيون أصحابه المترفون, ? وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وليمكنن لهم دينهم الذين ارتضى لهم، وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ? , ? الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكوة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ? ، وإن صال العدو صولة لا عن دولة, فكثيرا ما صغرته سيوف الحق وتركته خاسئا، وما كان أولا فمثله يكون ثانيا, ? لا يغرنك تقلب الذين كفورا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد، لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها خالدين فيها نزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار ?.
ومن عجائب ما ألفوه, وجالب ما زخرفوه, أن قالوا: بأنا منعنا من بلادنا, وخلينا عن طريفنا وتلادنا، فاستعنا بالكفار, على بلوغ الأموال والديار. وقالوا يجوز لنا ذلك كما جاز للنبي المختار، حيث استعان بخزاعة الأنصار, على حرب قريش الأشرار.
পৃষ্ঠা ২০