--- ونحن نوضح طرفا من أفعالكم معنا ليعلم الناس صدق مقالنا, وسلامة أحوالنا، فنقول: إنكم بعد دعوة الإمامة تربصتم بصاحبها كما علمه الخاصة والعامة، فكان أول ذلك منعكم للناس عن إجابتها, وصدكم للخلق عن سماعها، وانتهى بكم الحال في ذلك إلى خراب ديار المجيبين, وإخافة من بادر إليها باليقين، فلما غلبتكم الدهماء, وذهب عنكم جمهور العلماء, استكبرتم حينئذ الخلاف ظاهرا, وأسررتم المكائد باطنا، كما حكيناه آنفا من استدعاء سلطان اليمن والانتصار به، فلما لم يشف ذلك عليلا, ولا نقع غليلاو شمرتم عن ساق الجد في الشقاق, ونسيتم أمر الواحد الخلاق، حيث قال: { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم } وقال تعالى: { يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويخركم من عذاب أليم ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء } الآية. فقهركم سلطان الحق، ودمغكم نصر الله لولي الأمر، فجنحتم إلى السلم, وامتطيتم مطية النفاق، وصاحبكم يؤثر التقريب على الإبعاد، وما يدنيكم إلى الصلاح ويصرفكم عن الإفساد، فكان أول الغدر وإن تقدمه ما وقع من آحادكم تقدم موسى وداود لسدادة الثغر, والإقامة بوادي ظهر، وهما على الحقيقة يضمران خلاف الأمر، فأقاما أياما ينقضان الذمم، ويحرفان الكلم، ثم نكصا على أعقابهما من غير تعريج على ثغر الإسلام، ولا التفات على أمر إمام، فكانا أحق ببيت الشاعر حيث يقول:
لحى الله قيسا قيس عيلان إنها ... أضاعت ثغور المسلمين وولت
পৃষ্ঠা ১৫