والثاني : كالمقتول تورث عنه الدية، وإنما تجب بموته ولا تورث عنه إلا إذا دخلت في املكه، وبعد موته لا يصلح لدخول شيء في ملكه، فيقدر أنها دخلت في ملكه قبيل موته بالزمن الفرد حتى تنتقل إلى ورئته، ويقضى منها ديونه، فقدرنا المعدوم موجودا للضرورة.
وله أمثلة كثيرة سيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى في موضعه.
وأما الحجاج: فهي التي يستند إليها القضاة في الأحكام، كالبينة، والإقرار ، واليمين مع النكول أو مع الشاهد الواحد، فإذا أحضرت تلك الحجة عند القاضي وجب عليه الحكم، وسيأتي ذكر ذلك، وهي في الحقيقة، راجعة إلى السبب، وليست مغايرة له.
فإذا عرف ذلك، فليعلم أنه قد يجتمع خطاب الوضع، وخطاب التكليف في ذات واحدة، وقد ينفرد خطاب الوضع في شيء واحد، ويكون ما يترتب عليه من خطاب التكليف في شيء آخر.
أما انفراد خطاب التكليف عن خطاب الوضع فقليل - كما سيأتي بيانه - إذ لا تكليف شيء إلا وله سبب، أو شرط، أو مانع، أو هو سبب لغيره، أو شرط فيه، أو مانع من شيء آخر، إلا في صور تأتي الإشارة إليها.
مثال اجتماعهما: الايمان والكفر، فالايمان واجب، وهو سبب لعصمة الدم والمال، والكفر محرم، وهو سبب لاستباحتهما، والزنى والسرقة محرمان، وهما سببان العقوبة المشروعة فيهما، والعقود مباحة، أو مندوبة في بعض الصور، وهي سبب الانتقال الأملاك، والوضوء. والستارة واجبان، وهما شرطان لصحة الصلاة، والإحرام واجب آو مندوب، وهو شرط لصحة الحجة والعمرة، ومانع من تعاطي المحظورات المحرمة فيه، ومن صحة النكاح إلى غير ذلك من الأحكام التي اجتمع فيها كل من الأمرين.
ومثال انفراد الخطاب الوضعي - زوال الشمس، وجميع أوقات الصلاة - فإنها أسباب الوجوبها، ولا يتعلق بنفس الوقت خطاب تكليفي، وكذلك رؤية الهلال في الصوم والفطر، ودوران الحول شرط في وجوب الزكاة، والحيض مانع من الصوم، والصلاة وغيرهما.
وضابط هذا القسم: ما لا يكون في قدرة المكلف تحصيله.
পৃষ্ঠা ৩০