মজমুআ ফাতাওয়া

ইবনে তাইমিয়া d. 728 AH
58

মজমুআ ফাতাওয়া

مجموع الفتاوى

প্রকাশক

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة

প্রকাশনার স্থান

السعودية

إلَّا بِالتَّوْحِيدِ؛ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ لَمْ يَزَلْ فَقِيرًا مُحْتَاجًا مُعَذَّبًا فِي طَلَبِ مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ. وَاَللَّهُ تَعَالَى: ﴿لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ . إذَا حَصَلَ مَعَ التَّوْحِيدِ الِاسْتِغْفَارُ حَصَلَ لَهُ غِنَاهُ وَسَعَادَتُهُ وَزَالَ عَنْهُ مَا يُعَذِّبُهُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. وَالْعَبْدُ مُفْتَقِرٌ دَائِمًا إلَى التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِهِ كَمَا هُوَ مُفْتَقِرٌ إلَى عِبَادَتِهِ؛ فَلَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدَ دَائِمًا فَقْرَهُ إلَى اللَّهِ وَحَاجَتَهُ فِي أَنْ يَكُونَ مَعْبُودًا لَهُ وَأَنْ يَكُونَ مُعِينًا لَهُ؛ فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وَلَا مَلْجَأَ مِنْ اللَّهِ إلَّا إلَيْهِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿إنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾ أَيْ يُخَوِّفُكُمْ بِأَوْلِيَائِهِ. هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ؛ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ وَأَهْلِ اللُّغَةِ كَالْفَرَّاءِ وَغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: وَاَلَّذِي نَخْتَارُهُ فِي الْآيَةِ: يُخَوِّفُكُمْ أَوْلِيَاءَهُ. تَقُولُ الْعَرَبُ أَعْطَيْتُ الْأَمْوَالَ: أَيْ أَعْطَيْتُ الْقَوْمَ الْأَمْوَالَ؛ فَيَحْذِفُونَ الْمَفْعُولَ الْأَوَّلَ. قُلْتُ: وَهَذَا لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يُخَوِّفُ النَّاسَ أَوْلِيَاءَهُ تَخْوِيفًا مُطْلَقًا لَيْسَ لَهُ فِي تَخْوِيفِ نَاسٍ بِنَاسِ ضَرُورَةٌ؛ فَحَذَفَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودًا. وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَر؛ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ بِسَبَبِ تَخْوِيفِهِمْ مِنْ الْكُفَّارِ فِي إنَّمَا نَزَلَتْ فِيمَنْ خَوَّفَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ النَّاسِ. وَقَدْ قَالَ: ﴿يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ﴾ الضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ؛ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ: ﴿فَاخْشَوْهُمْ﴾ قَبْلَهَا وَاَلَّذِي قَالَ الثَّانِي: فَسَّرَهَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّ الشَّيْطَانَ إنَّمَا يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ؛ لِأَنَّ سُلْطَانَهُ عَلَيْهِمْ، فَهُوَ يُدْخِلُ عَلَيْهِمْ الْمَخَاوِفَ دَائِمًا وَإِنْ كَانُوا ذَوِي عَدَدٍ وَعُدَدٍ وَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَهُمْ مُتَوَكِّلُونَ عَلَى اللَّهِ لَا يُخَوِّفُهُمْ الْكُفَّارُ أَوْ أَنَّهُمْ أَرَادُوا الْمَفْعُولَ الْأَوَّلَ؛ أَيْ: يُخَوِّفُ

1 / 56