[ذكر جملة مما يدل على بطلان القول بالهيولى والصورة]
وأما الذكر لجملة مما يدل على بطلان القول بذلك: فمما يدل عليه هو كونه دعوى مبتدعة لفظا ومعنى بغير دليل، ومع ذلك فإن الصورة لا يعقل كونها صورة إلا إذا كانت فعلا لمصور، كما أن الصور التي تعمل من الحديد لا يصح كونها صورا إلا بمصور صورها، وكذلك كل صورة معمولة في الشاهد لا بد لها من فاعل مختار؛ فكذلك يجب أن يكون لكل صورة من صور العالم فاعلا مختارا.
ولأن كل عاقل غير مكابر لعقله يعلم ضرورة أنه يستحيل كمون جملة الإنسان، بما فيه من أنواع الأجسام المختلفة، والأعراض المتضادة، وبما فيه من حياة وقدرة وسمع وبصر ونحو ذلك في نطفة قليلة ضعيفة ميتة.
وكذلك يعلم أيضا من طريق الإستدلال العقلي أن كل ما في الإنسان من أثر الصنع العجيب يدل على أن له صانعا حيا قادرا عالما، هذا مع ما ورد به نص الكتاب من الآيات الدالة لكل عاقل على صحة ما دل عليه العقل نحو قول الله سبحانه: {ياأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم(6) الذي خلقك فسواك فعدلك(7) في أي صورة ما شاء ركبك(8)} [الانفطار]، وقوله: {هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء} [آل عمران:6]، وما أشبه ذلك مما هو على الحقيقة علم إلاهي، وبراهين واضحة، خلافا لما ادعته الفلاسفة من المحال، وزخرفته من الأقوال.
পৃষ্ঠা ৩৭