الأولى: أن يعلم على الجملة أنه لا بد لعلم كل فرقة ولمذهبهم من ثمرة وزبدة ينتهى إليها، ولا يمكن كتمها، وأن كل من كانت ثمرة علمه، وزبدة مذهبه، جحد الصانع تعالى، أو جحد كونه مختارا لفعله، أو تثنيته، أو تشبيهه، أو إضافة شيء من صنعه إلى غيره، أو إضافة شيء من فعل غيره إليه، أو تحريف بعض محكم كتابه، أو رفض بعض حججه، أو الإلحاد في شيء من أسمائه، أو إنكار ما يعقل، أو إثبات ما لا يعقل، وما أشبه ذلك؛ فهو المخالف للحق وأهله، والناظر بوهمه لا بعقله، إذ ليس الغرض بالتعلم في دين الإسلام إلا طلب السلامة من شبه المخالفين [له].
الثانية: أنه لا يعتمد في طلب الحق على ما يسبق إلى قلبه، من محبة أحد أو بغضه، لما في ذلك من خطر التعصب على الباطل.
الثالثة: أن لا يرخص لنفسه في تجويز أن يؤدي النظر والإستدلال إلى خلاف شيء مما يعلم ضرورة أو بالإجماع، وذلك لأن المعلوم ضرورة، أو المعلوم بالإجماع لا يجوز الغلط فيه ولا الإلتباس؛ كما يجوز في النظر والإستدلال؛ فلذلك يجب أن يستشهد بالضروري على صحة الإستدلالي، ولا يحكم الاستدلالي على الضروري، ولا المختلف فيه على المجمع عليه، وسيأتي ذكر أمثلة ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى.
الرابعة: أن يعلم أنه لا بد لكل مسألة خلاف من أصل؛ إما صحيح، وإما باطل، ولذلك فإن الخوض في فروع المسائل قبل معرفة صحة أصلها مما يطول فيه الكلام، ولا ينتهى فيه إلى حد معلوم.
পৃষ্ঠা ১৬