430

قولنا له: ما الطريقة الرابطة بينهما؟ هل هذا إلا كقول من يقول : إذا وجد الفعل الدال على علم الفاعل محكما وجب في كل فعل ألا يكون إلا محكما، أو يجوز حصول المحكم من غير عالم، قلنا: هذا لا يلزم لأن وقوع الفعل على وجه دون وجه دليل الإرادة، ووقوعه على وجه الإحكام دليل العلم، ومجرد وجوده دليل القدرة، فتفهم ذلك إن كنت ممن يفهم، وكذلك قوله إذا جاز وجود الإرادة وهي عرض لا في محل جاز ذلك في كل عرض، قلنا: وما الطريقة الرابطة نبئوني بعلم إن كنتم صادقين؟ أفليس الدليل قد دل على وجوب إرادة الباري سبحانه وتعالى عن ذلك؟ وسواه باطل أن يحله لأنه ليس بمحل، وباطل أن يحل غيره لأن الغير جسم أو عرض، لأن القسمة فيه دائرة لأن الغير لا يخلو إما أن يشغل الحيز عند الوجود أو لا يشغله، فإن شغله فهو الجسم، وإن لم يشغله فهو العرض، وباطل أن يكون جسما، لأنه لا يخلو إما ان يكون حيوانا أو غير حيوان وهو الجماد باطل أن يحل جمادا؛ لأنه كان يؤدي إلى أن يرتفع الاختصاص وإلى أن ينفصل وجودها عن عدمها، وما أدى إلى أن ينفصل وجود الشيء عن عدمه فهو محال، وباطل أن يحل حيوان، لأنها كانت بأن توجب له أولى من الباري سبحانه وذلك محال فنفى وجودها لا في محل، ولا إنكار على من قال ذلك لأن السماوات والأرض إرادة الباري ومراده، وهما لا في محل، وما قلنا ذلك إلا للدليل، فإذا يجب اتباع الدليل ولا يجوز ذلك في سائر الأعراض لأن أحكامها لا تثبت إلا بالحلول، فالمحل واجب بصحة الوجود ومتعذر بل مستحيل خلافه لأنه يؤدي إلى أن لا يفصل وجود الشيء عن عدمه، وما أدى إلى ذلك فهو محال.

পৃষ্ঠা ১৯