فيا عجبا لمن يشتغل عما له خلق بالدنيا!! وقد وعد بالموت والفناء!! ووعد بعد ذلك بالثواب الجزيل إن عمل، أو بالعقاب الجليل إن غفل، وياعجبا كيف آثر ما هو عنه زائل؟! على ما هو أحد يوميه إليه راحل!! وياعجبا له كيف يطيل أمله؟! وهو ينتظر دون ذلك أجله، وياعجبا له كيف يخرب آخرته الباقية؟! بعمران دنياه الفانية، وياعجبا له كيف يعمر دار غيره؟! ويهدم داره، وياعجبا له كيف يحكم على عقله هواه؟! ويؤثر على آخرته دنياه؟! وياعجبا له كيف يشيد محل رحلته؟! ويترك محل إقامته! وياعجبا له كيف يصلح مال غيره ويفسد ماله؟! وياعجبا له كيف يجمع ما ينفع غيره؟! ويترك ما ينفعه، وياعجبا له كيف يجمع ما هو عنه هالك؟! وما هو لغيره تارك.
وسنعود إلى بيان صنع الله وحكمته، وما هو أكثر من الأدلة برحمته، فنقول: إن أعظم الدلائل على الله سبحانه، وعز عن كل شأن شأنه، ما فطر من الأرضين والسماوات العلا، وصنع منهما تبارك وتعالى.
فإن سأل سائل عن بيان صنع الله فيهما وتدبيره؟ وحكمته وتقديره؟ فجوابنا له في ذلك وبالله نستعين، ما شاهدنا من إثبات السماوات بلا عمد وإثبات الأرضين، ففي ذلك أدل الدلائل على رب العالمين.
ودليل آخر
أنا نظرنا إليهما فإذا هما موصولتان مجتمعتان، ولا بد لك توصيل من موصل، فلا بد لكل تفصيل من مفصل، ولا بد لكل مجموع من جامع، ولكل مصنوع محدث من صانع، وهو الله رب العالمين.
فإن قال: وما أنكرت من أن تكون الأرض لا نهاية لها؟! وكذلك السماء؟!
পৃষ্ঠা ৮৭