وإن قلت: إنه مقيم لابث منذ وقت طويل قديم، فهذا محال أن يكون الوقت قديما، لأن الأوقات هي الأزمان والأزمان قد فنيت، ووقع الفناء على كل ما مضى منها فعدمت، ولم تعدم الأوقات والأزمان كلها إلا بعد حدوثها، ولم يعدم آخرها إلا بعد عدم أولها، وإذا كان للمقام والأوقات أول وآخر فقد صح حدث الجسم المقيم إذ لم ينفك من المقام والأوقات، وما لم ينفك من سكون الساعات، ولم يكن قبلها، فسبيله في الحدث سبيلها.
إن قلت: إن الأجسام كانت قبل الزمان، سألناك أكانت متحركة أو ساكنة؟
فإن (1) قلت: لا متحركة ولا ساكنة جحدتها ونفيتها.
وإن قلت: إنها كانت قبل الزمان غير منفكة من حركة أو سكون، لم يخل من أن تكون تحركت أو سكنت قليلا أو كثيرا (2).
فإن قلت: إنها تحركت أو سكنت كثيرا، فالكثير أوقات، ودهور وأزمان وساعات، وفي ذلك إثبات ما قلنا به من أن الأجسام، لم تنفك مما ذكرنا من الأزمان.
وإن قلت: إنها تحركت أو سكنت أوقاتا قليلة، أوجبت أيضا أنها لم تنفك من قليل الأوقات، فكأنها لم تنفك من المحدثات، ولم تكن قبلها موجودات، وإذا لم تكن قبلها، ولم تتقدمها فهي محدثة معها، وإذا صح حدث الأجسام كلها، وصح حدث حركاتها وسكونها، لم تخل من أحد أربعة أوجه:
إما أن تكون أحدثت (أنفسها.
وإما أن تكون حدثت هملا.
وإما أن تكون حدثت من) (3) محدث قديم.
فإن قلت: إنها أحدثت أنفسها، فهذا محال، لأنها كانت معدومة، فكيف تحدث أنفسها وهي غير موجودة، والفاعل لا يكون إلا موجودا غير معدوم(4).
وإن قلت: إنها حدثت لعلة، لم تخل العلة من أحد وجهين:
إما أن تكون جسما.
وإما أن تكون عرضا.
পৃষ্ঠা ১৪৫