ودليل آخر إذا قلت: لم يعدم من سكون الجبل شيء، إلا وقد عدم قبله شيء إلى ما لا نهاية له. سألناك أتريد بقولك: لا نهاية له الكل من المعدومات، أم البعض أم لم ترد كلا ولا بعضا؟!
فإن قلت: لم أرد كلا ولا بعضا جحدته، وأبطلت ما بالقدم وصفته.
وإن قلت: بل (1) عنيت وأردت (بعضه، فالبعض قسم محدود متناهي.
وإن قلت: بل عنيت وأردت) (2) وذكرت بالقدم وقصدت الكل من المعدوم، فقد ناقضت قولك عند أهل العقول، لأن الكل المعدوم قد تضمنه العدم، فلم يغادر منه طرفة عين ولا وهم.
ودليل آخر
إذا قلت: إن العدم قد وقع على الماضي من سكون الجبل كله، لم يخل هذا السكون المعدوم من أن يكون وجد جملة واحدة معا في ساعة واحدة، أو وجد كثيره بعد قليله، وآخره بعد أوله، أو وجد قليله بعد كثيره، أو لم يوجد أي ذلك.
(فإن قلت: لم يوجد شيء مما ذكرت، جحدت ما لا ينجحد وما لا ينكره ممن عقل أحد) (3).
وإن قلت: بل وجد قليله قبل (4) كثيره، وكثيره بعد قليله، أصبت وجعلته عددا (5) معدودا، متناهيا محدودا، والعدد القليل والكثير لا يوجد الآخر منه إلا بعد الأول، ولا الاثنان إلا بعد الواحد، وذلك يدل على سبق قليله لكثيره (6)، إذ لا توجد ساعة إلا بعد عدمها (7)، ولا تكثر إلا بعد قلتها.
وإن قلت: بل وجد جميع ما مضى في ساعة واحدة، أقررت بحدثه وأحلت، لأن الماضي من زمان ساعات لا تحصى، ويستحيل أن تكون (8) الأزمان الكثيرة ساعة يسيرة، بل إذا صح أن العدم وقع على الكل صح منتهاه، إذ (9) حده العدم وحواه، وتضمنه وغاياه، وأبطل الجميع وناهاه.
পৃষ্ঠা ১৩৬