وإن قلت: إن حركتها كاختلاج العروق في محلها، فقد حددت الحركة وناهيتها، لأنك زعمت أنها كانت تختلج في مواضعها، ثم انتقلت عن الاختلاج فانقطع منها، لأنها لما زالت عن ذلك المكان بطل اختلاجها، وثبتت حركتها وجريها، وإذا انقطع اختلاجها فقد تناها، لأن الحركة أتت بعد انقطاع أوله وآخره، وأيضا فإنه لا يخلو ما انقطع من اختلاجها من أن يكون عدم جميعه أم لا، فلا يجد بدا من أن يعلم علما يقينا أن جميع ساعات الاختلاج قد بطلت، وعدمت جميعا بعد ما حدثت.
والجواب في حدث حركات الرياح وهبوبها، كالجواب في حركات النجوم في طلوعها وغروبها، وقطعها للأماكن المتناهية بمسيرها، وبيان الحدث في حركتها وتسخيرها، وإذا صح حدث الحركة والسكون، صح أن صانعهما ومحدثهما بخلافهما، وأنه ليس بمتحرك ولا ساكن، لأنه لو كان متحركا أو ساكنا لكان محدثا، وأنه لا يعقل ولا يعرف شيء من الأشياء، إلا بأن لهذه المحدثات صانعا بخلافها، وأنه عز وجل أولى بكل ما حسن من الصفات، وأحق بالتنزيه عن شبه المحدثات، ومن أكرم صفات العلم.
والعلم فهو ذاته.
পৃষ্ঠা ১১২