فإن قلت: إنه موجود أحلت، لأنها جرت على المنزلتين دهور مضت قبل حدوثنا بأزمنة مالا يحصيه إلا خالقها.
وإن قلت: إنما مضى من جريها معدوم تناها جريها، لما قدمنا من بيان تناهي المعدوم، لأن الذي مضى من جريها على حالين: حال في المنزلة اليمانية، وحال في المنزلة الشامية، وللحالين الماضيين النافذين نهاية وغاية، وأيضا فقد يدل حدث حركات النجوم في المشرق والمغرب أنها ذات عدد، والعدد على وجهين متناهيين: وهما الشفع، والوتر، ولا يخلو ما فني وعدم من هذه المرار، وحساب الحركات والتكرار، من أن تكون شفعا أو وترا، وللشفع والوتر نهاية وغاية، لأن الشفع هو الأزواج، والوتر هو الفرود من الحساب، وقد عدم الجميع مما مضى، وتضمنه العدم والفناء.
فإن قال: وما أنكرت من أن تكون قبل هذه الحركة ساكنة، ثم وجدت بعد سكونها القديم متحركة؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: أنكرنا ذلك من قدم السكون الذي ذكرت، لأنها لا تخلو في حال سكونها من أحد وجهين:
إما أن تكون سكنت دهورا كثيرة.
وإما أن تكون سكنت دهورا قليلة.
وللكثير والقليل نهاية وغاية، وقد قدمنا الدليل على حدث الدهر وغايته، وانقطاعه بعد حدوث ساعاته، والحركة والسكون فهما حالان محدثان لا ينفك الجسم منهما، وهما حقيقة الزمان، وما كان مضطرا إلى حالين محدثين لا يجد من أحدهما بدا، ولا عنهما معا بددا، فلا يدله من بان بناه عليهما، واضطره في الشاهد إليهما.
فإن قال: ما أنكرت من أن تكون النجوم تحركت قبل هذه الحركة التي دللت على انقطاعها، بحركة لم تزل من طباعها؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: أنكرنا ذلك لأنها لا تخلو من أن تكون تحركت في بعض الجهات، أو لم تحرك في شيء منها.
فإن قلت: لم تحرك في شيء منها جحدتها، لأنها لا توجد إلا في أماكنها من الأهوية أو من غيرها.
وإن قلت: إنها تحركت في بعض الجهات، فالجهات معروفة، وهي الفوق والتحت، والمشرق والمغرب، واليمن والشام.
পৃষ্ঠা ১১০