179

وأما سائر الناس، وما يعارضهم من الوسواس، فأكثر ذلك من النفوس وجولانها، وتقلب القلوب وخطرانها، وقد روي أن إبليس اللعين ربما قارب الإنسان في حال فكره، وربما قوى طبع النفس بما هو من شكله، كما يقوى الحر من النار بزيادة مثله، وقيل أيضا: إنه كان يخاطب الناس في أول الزمان ويدعوهم إلى العصيان، ولسنا نبالي أدعاهم أم لم يدعهم، وسواء عندنا أكلمهم أم لم يكلمهم، لأن لك لا يوجب في دين الله فسادا، ولا يضر من أولياء الله أحدا.

وسألت عن رجل أطاع الله وقتا ثم عصاه، ثم تاب إلى الله ومات على تقواه، هل يثاب على الطاعة التي كفر بعدها، أم تبطل ولا يثاب عليها؟

والجواب: أنه لا يثاب على شيء قد أبطله، وأفسده عبثا وعطله، ولكن الله قد غفر له، وتاب عليه عند الرجعة وقبله.

وسألت عن رجل عسر عليه الاكتساب، وأراد أن يتفقه في الدين، ويقبل على طلب الحق واليقين، وأعرض عن المنازل والزوجات، فلم يبن لنفسه منزلا، ولم يتخذ من الزوجات أهلا، أيأثم في ترك شيء من ذلك أم لا؟

والجواب في ذلك: أنه غير مأثوم ولا مأزور، ولكنه في حكم الله مرضي مأجور، وقد أعرض سيدنا المسيح عن ذلك واشتغل بغيره، فلم ينقص الترك لذلك من أجره. وأما ما روي عن سيدنا خاتم النبيين، صلى الله عليه وآله الطاهرين، من قوله: ((لا حصر بعد يحيى، ولا سياحة بعد عيسى))، فلما أراد بذلك التخفيف عن المخلوقين، ولم يرد بذلك حظر السياحة في أرض الله على السائحين.

وسألت عن العقول هل هي مستوية، أم بينها اختلاف؟

والجواب: أن اختلاف عقول الناس كاختلاف قواهم، فمن كانت قوته تبلغ أداء الفرائض وجبت عليه، ومن لم يطق فلا يكلفه الله ما يعدم إليه، ولا يصل بقوته إليه، وإنما العقول على وجوه معروفة، وأحوال بينة موصوفة.

منها: عقول سادتنا الملائكة المقربين.

পৃষ্ঠা ২৬৩