ومن لم يكن لله من العارفين، لم يكن أبدا من المطيعين، ومن قصد إلى دين الله ورغب في طاعته، وهو مختار لترك طلب الأدلة إلى معرفته، ورضي بجهله وغفلته، كان داخلا في الجهل بمعصيته، ومن كان بالله جاهلا، وعن دلائله غافلا، لم يكن عنده من المؤمنين، ولا به من الموقنين، إذ رضي بالجهل والنقصان، واشتغل عن المعرفة والإيقان، فهو في صفات الله متحير جاهل، وعن الدلائل عليه مستوهل ذاهل، إن عسف النظر في ذلك ارتطم في الضلال، وإن رضي بجهله فهو من أجهل الجهال، لا يملك لقلبه جنة من الشيطان، ولا يؤمن عليه الدخول في محضور ولا عصيان، وإن عبد الله عبده بغير خشوع ولا إيمان، وإن جاهد على الطاعة نفسه، لم ينفعه عند الله علمه وحرصه، إذ كان مطيعا بزعمه من لم يكثر دلائله عليه، ولم يركن حقيقة الركون إليه، وكيف يركن إلى ما هو عنه متحير جاهل؟! وعن العلم بدلائله زائل؟! فليس العمل إلا بمعرفة الله سبحانه، وجل عن كل شان شأنه، فالحمد لله الذي جعل الدلالات عليه للمستدلين، بما صنع من خلقه المصورين.
وبعد فإني لما نظرت الجهل قد شمل كثيرا من الأثام، وقلت معرفتهم لذي الجلال والإكرام، حداني ذلك على أن أضع كتابا للمتعلمين، ومن أراد معرفة الله من العالمين، وأراد التخلص من العذاب المهين.
পৃষ্ঠা ৯৭