قوله تعالى: ((إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين)) [النحل:27] يحمل إما على الخزي الكامل، أو يكون قصرا إضافيا، والمتعين هنا كونه قلبا، وهو أحد أقسامه باعتبار المخاطبين، والموجب لهذا منطوق قوله تعالى: ((إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار)) [آل عمران:192]، فالحكيم سبحانه لاتناقض في شيء من حججه وكلامه ((لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)) [فصلت:42].
وأما الخروج من النار فهيهات هيهات دونه التصديق بكلام الحكيم الجبار: ((أفأنت تنقذ من في النار)) [الزمر:19]، ((وإن الفجار لفي جحيم (14) يصلونها يوم الدين (15) وما هم عنها بغائبين)) [الانفطار:14]، ((ومن يعص الله ورسوله..)) [النساء:14] الخ، وكم آيات تتلى، وأحاديث تملى، والكلام على هذا مبسوط في مواضعه.
وليس يصح في الأذهان شيء .... إذا احتاج النهار إلى دليل
فتثبت أيها الناظر.
لا يستزلك أقوام بأقوال .... ملفقات حريات بإبطال
وفقنا الله تعالى وإياك في القول والعمل، وعصمنا عن الزيغ
والزلل، آمين.
[ادعاء ابن الأمير بأنه لا بد من الجمع في هذه المسائل، والجواب عليه]
وقوله: فلا بد من الجمع.. الخ.
الجواب: قد وضح فيما أسلفنا المراد بقوله: ((إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين)) [النحل:27] فلا تنافي بين مفهومه وبين منطوق قوله تعالى: ((إنك من تدخل النار فقد أخزيته)) [آل عمران:192]، وأما الجمع بين مفتعل الروايات وبين الآيات فغير لازم، بل لا يمكن الجمع بين الحق والباطل، ولئن تصور الجمع بين هذه الآية والرواية لما أمكن بينها وبين ما لا يحصى كثرة كتابا وسنة اتسع الخرق على الراقع
পৃষ্ঠা ৪১