وأقول: إن من تصفح استدلالات أعلام الأئمة وهداة هذه الأمة كالإمام القاسم نجم آل الرسول وسبطه الهادي إلى الحق صلوات الله عليهم، واطلع على معين علمهم المخزون، وتروى من سلسبيل نميرهم المكنون، علم أنهم مخيمون على عموم الكتاب وخصوصه، واقفون عند إشاراته ونصوصه، قد أمكنوه زمامهم وجعلوه رائدهم وإمامهم، يحلون حيث حل، وينزلون حيث نزل كما قال بمعناه والدهم سيد الوصيين صلوات الله عليهم فهم: لايبغون عنه حولا ولايبتغون به بدلا، ولاغرو فهم قرناؤه وأمناؤه ولن يفترقا حتى يردا على الحوض.
نعم وبعد التقرير لما صح في هذا الأصل باحثت كثيرا من علماء العصر فوجدت الأغلب يميل إلى كلام الجمهور إلا المولى العلامة الأوحد إمام التحقيق ونبراس أرباب التدقيق شرف الدين الولي بن الولي الحسن بن الحسين الحوثي حماه الله تعالى فإني راجعته في ذلك فقرر مابينته في هذا الأصل، ومعاذ الله أن يذهب هذا المذهب عن قول طائفة في كل عصر من حماة التنزيل ووعاة التأويل، وإن كان قد قال بخلافه ثلة من شموس الهداية وأقمار الدراية، ولايعترض على ذلك أنهم كلهم يخصصون الآيات القرآنية، وقد لايستدلون إلا بخبر أو نحوه لايفيد القطع، لأنا نقول: لاطريق إلى كون التخصيص بالخبر الآحادي على انفراده، ثم من أين لكم العلم بأنه عندهم غير معلوم، بل يكفي في قطعيته تلقيه بين العترة والأمة على أن الحكم إذا كان مجمعا عليه لم يبحث عن سنده كما أسلفناه لك وهو مقرر مرسوم، فياسبحان الله، ما باله ضل عن هذه القاعدة الخصوم؟
وعلى الجملة إن هذا الأصل لم يتقرر بدليل قاطع ولابرهان ساطع، وطالب الحق الصريح بالنظر الثاقب الصحيح لاتروعه القعقعة بالشنان، ولاتهوله مجاولة الفرسان، ومنازلة الأقران، ولاتميل به الرجال من يمين إلى شمال فيكون من دين الله على أعظم زوال.
পৃষ্ঠা ১৯