============================================================
بمعنن: لو قدرنا مشاهدة أصحاب العصور المتقدمة لأهل هذا العصر، وما هم عليه من تفان على الدنيا، ومن تفنن وتبصر في استجلابها، والتمتع بها، ومن الانكباب على الشهوات والملذات، وصرف الأوقات والأعمار في ذلك . . لحكموا علينا بالجنون11 فهم رضوان الله عليهم زهدوا في الفاني، ونحن بكل أسف زهدنا في الباقي، وشتان بين الفريقين ، وعند الصباح يحمد القوم الشرى.
وقد جلى لنا ذلك الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى بقوله : (لو كانت الدنيا ذهبا يفنى، والآخرة خزفا يبقى.. لاخترنا خزفا يبقى على ذهب يفني) فكيف إذا كان بالعكس ؟!!
ثم لم يستعظم الإنسان أن يكون له خصلة من خصال التشبه بهلؤلاء الرجال، وما المانع أن يكون حتى مثلهم ولو في بعض الخصال ؟! كما قال الشاعر : وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ان التشبه بالك رام فلاح بل إن تنوع أحوالهم وطبقاتهم وسلوكهم. . يعطي فرصة لكل أحد أن يأخذ في التشبه مع ما يتناسب وحاله، فكما قيل: من فاته العلم. . لم يفته المحراب، ومن فاته المحراب.
لم تفته الاداب... وهدكذا.
ثم إن اهتمام رجال هذذا المجمع بأمور أخرى تماما تصب في ابتغاء رضوان الله سبحانه وتعالى، فهم حريصون على ألا تفوتهم لمحة ولا يمر عليهم نفن إلا ويؤجرون عليه، لذا فإنهم كانوا يكرهون فضول الكلام، ويحبون التحقق بترك ما لا يعنيهم ، مع همم عالية في الخير وأعمال البر، وكان من مقاصدهم : التقليل من العادات التي قصمت الظهور، والتبري من الكلفة، فبذا وغيره.، صفت أوقاتهم، واستنارت بصائرهم، وطاب زمانهم، رضوان الله عليهم وتراجم هذا الكتاب موسعة، وتكاد أن تكون بعض التراجم كتبا مستقلة، فترجمة الإمام أحمد بن حنبل استغرقت (42) صفحة، وترجمة الإمام الشافعي (50) صفحة، وترجمة الإمام الثوري (56) صفحة، وترجمة الإمام إبراهيم بن آدهم (36) صفحة، وغيرهم وغيرهم.: هذذه الشخصيات الخالدة الواردة في هاذا الكتاب. . هي من آثار الشيوخ الصادقين، والوعاظ المحتسبين، والزهاد المباركين، والعلماء العاملين، والمجاهدين المخبتين،
পৃষ্ঠা ১৩