منزله فلما أفاق سئل عن ذلك فقال: «ذكرت أني اغتبت رجلًا في هذا الموضع، فذكرت مطالبته إياي بين يدي الله تعالى» .
قال بعضهم: «الغيبة فاكهة الفقراء، وضيافة الفساق، وبساتين الملوك، ومراتع النساء، ومزابل الأتقياء» .
وقال حاتم الأصم: «المغتاب والنمام قردا أهل النار، والكذب كلب أهل النار، والحاسد خنزير أهل النار» .
وحكي: أن عيسي ﵇ رأى إبليس وفي يده عسلًا، وفي الأخرى رمادًا، فسأله عن ذلك فقال: العسل أجعله في شفاه المغتابين، والرماد أجعله في وجوه الأيتام، حتى يرمدوا فيستقذرهم الناس فلا يفعلون معهم خيرًا.
ومنها: أن والده إسماعيل كان كثير المال، نقل عن والده أنه قال: لا أعلم في مالي درهمًا من حرام، ولا درهما من شبهة، فلما مات والده إسماعيل انتقل المال إليه، فكان يعطيه مضاربة، فقطع له غريم خمسة وعشرين ألفًا، فقالوا له: استعن عليه بالوالي، فقال: لن أبيع ديني بدنياي، ثم صالح غريمه على أن يعطيه كل شهر عشرة دراهم، وذهب ذلك المال كله (١) .
وحمل إليه بعض عماله بضاعة وكانت مطلوبة، فجاءت إليه التجار آخر النهار وطلبوها منه بربح خمسة آلاف درهم فردهم، فقال لهم: انصرفوا الليلة، فجاءه من الغد تجارًا آخرون فطلبوا منه البضاعة تربح عشرة آلاف درهم، فردهم وقال: إني نويت البارحة أن أدفع إلى الأولين، فلا أغير نيتي ودفعها إليهم (٢) .
ونقل عنه أنه قال: كنت استغل كل شهر خمسمائة درهم فأنفقها في الطلب، وما عند الله خير وأبقى (٣) .
ومع كثرة هذا المال كان يأتي عليه نهار لا يأكل فيه، وكان أحيانًا يأكل لوزتين أو ثلاثًا، وكان يتصدق بماله على الفقراء.
_________
(١) أورده الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق (٥/٣٩٤) حكاية عن محمد بن أبي حاتم وراق الإمام البخاري، وذكره أيضًا في مقدمة فتح الباري (ص ٤٧٩) .
(٢) ذكره ابن حجر في تغليق التعليق (٥/٣٩٥) وعزاه إلى غنجار في تاريخه، وانظر: صفة الصفوة (٤/١٧٠) .
(٣) انظر: تغليق التعليق (٥/٣٩٥)، ومقدمة فتح الباري (ص ٤٨٠) .
1 / 52