كما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة، وأكثر مشايخ التصوف والعارفين، فإنه لا ذكر لصاحب مقام فوق الذكر باسمه مجردًا.
واستدلوا على ذلك بأشياء منها: أن الله تعالى لما خاطب موسي قال: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ﴾ [طه: ١٤] فلو كان له اسم أعظم منه لقاله.
ومنها: أنه لم يسم به غيره بدليل قوله تعالي ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًاّ﴾ [مريم: ٦٥] أي: هل تعلم أحد تسم غير الله.
وفي الاسم الأعظم خلاف كثير سيأتي في محله.
واسم الله أعرف المعارف، وقد ذكر هذا الاسم الشريف في القرآن في ألفين وثلاثمائة وستين موضعًا.
وأما اسم «الرحمن» فهو اسم خاص به سبحانه، لأنه صفة لمن وسعت رحمته كل شيء، ومن لم يكن كذلك لا يسمي رحمانًا.
وتسمية مسيملة الكذاب برحمان فهو صادر من الكفار فلا عبرة بذلك، فلا يجوز للإنسان أن يسمي ولده بالرحمن بل بعبد الرحمن.
قال السبكي: المختص بالله هو المعرف باللام دون غيره، فعلي قوله يجوز التسمية برحمان لا بالرحمن.
وأما اسم «الرحيم» فإنه يطلق على غير الله أيضًا.
فإن قيل: إذا كانت البسملة من الفاتحة فما الحكمة في ذكر الرحمن الرحيم في الفاتحة، بعد ذكرهما في البسملة؟
فالجواب عنه من وجهين:
أحدها: أن الله تعالى لما ابتدء كتابه بالحمد لله رب العالمين بعد البسملة عَلِم سبحانه أن النفوس ترهب من ذلك، فعقبة بقوله «الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ» ليجمع في صفاته بين الرهبة منه، والرغبة إليه فيكون أعون على طاعته وأمنع من معصيتة، ونظير هذا قوله تعالى: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ العَذَابُ الأَلِيمُ﴾ [الحجر: ٤٩، ٥٠]، وقوله تعالى: ﴿غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ العِقَابِ ذِي الطَّوْلِ﴾ [غافر: ٣] .
1 / 61