============================================================
المطلب الثاني/ التأويل عند علماء السلف والخلف عن المجسمة وعقيدتهم (ص/69- 171)(1).
وهذا هو السبب الرئيسي الذي دفع العلماء إلى التأويل لصرف النص عن ظاهره الموهم عند المجسمة للتقصان في حق الله تعالى، قال القاضي عياض (ت /44 5ه): "لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم، أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء، كقؤله تعالى: ل{* أمنيم من فى السماه أن يخسف يكم الأرض) (الملك /16]، ونخوه ليست على ظاهرها؛ بل متأولة عند جميعهم"(2).
وهذه بعض التماذج من تأويلات أئمة الخلف للآيات المتشابهة، ونبدأها بالآية السابقة: * تأويل قول الله تعالى: (" أمنأم من فى السمله أن يخسف يكم الأرض ): قال الإمام الفخر الرازي: "واعلم أن المشبهة احتجوا على إثبات المكان لله تعالى، بقوله: مأمنثم من فى السماه}، والجواب عنه أن هذه الآية لا يمكن إجراؤها على ظاهرها باتفاق المسلمين، لأن كونه في السماء يقتضي كون السماء محيطا به من جميع الجوانب، فيكون أصغر من السماء والسماء أصغر من العرش بكثير، فيلزم أن يكون الله تعالى شيئا حقيرا بالنسبة إلى العرش وذلك باتفاق أهل الإسلام محال، ولأنه تعالى قال: { قل لمن ما فى السموات والأرض قل لله ) [الأنعام/12]، فلو كان الله في السماء لوجب أن يكون مالكا لنفسه وهذا محال، فعلمنا أن هذه الآية يجب صرفها عن ظاهرها إلى التأويل؛ ثم فيه ووه: أحدها: لم لا يجوز أن يكون تقدير الآية: (* أمنثم من فى السماء} عذابه)، وذلك لأن عادة الله تعالى جارية بأنه إنما ينزل البلاء على من يكفر بالله ويعصيه من السماء، فالسماء موضع عذابه تعالى كما آنه موضع نزول رحمته ونعمته.
(1) وقد تناولت هذا الموضوع بإسهاب في كتابي "تأثير الإسرائيليات في الفكر العقدي الإسلامي".
(2) انظر: النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (24/5).
পৃষ্ঠা ১৪১