============================================================
المطلب الأول / تعريف الآيات المحكمات والمتشابهات ومسالك العلماء فيها 115 وقد قيل: { وما يعلم تأوبله إلا الله والرسخون في العلو) فكأنه قال: والراسخون في العلم أيضا يعلمونه، ويقولون آمنا به؛ فإن الإيمان بالشيء إنما يتصور بعد العلم، أما ما لا يعلم فالإيمان به غير متأت، ولهذا قال ابن عباس: (أنا من الراسخين في العلم)". انتهى كلام الإمام أبي نصر القشيري: نقله عنه الإمام مرتضى الزبيدي في "إتحاف السادة المتقين"، وقال عقبه: لاوهذا الذي ذهب إليه، هو مختار شيخ جده ابن فورك (ت/406ه)(1)، وإليه ذهب العز ابن عبد السلام (ت/ 660ه) في رسائله منها رسالته التي أرسلها جوابا للملك الأشرف موسى وهي بطولها في طبقات ابن السبكي (ت/ 771ه)"(2).
وممن ذهب إليه أيضا من العلماء المحققين: 1- الامام أبو حامد محمد بن محمد الغزالي (ت/5 50ها في كتابه "المستصفى من علم أصول الفقه"، حيث قال رحمه الله تعالى: "فان قيل: قوله تعالى ومايعلم تأويله إلا الله والرسخون فى العلو}، الواو للعطف أم الأولى الوقف على الله؟ قلنا: كل واحد محتمل، فإن كان المراد به وقت القيامة فالوقف أولى وإلا فالعطف، إذ الظاهر أن الله تعالى لا يخاطب العرب بما لا سبيل إلى معرفته لأحد من الخلق (...). فإن قيل: العرب إنما تفهم من قوله تعالى: وهوالقاهر فوق عبادهء) و{الرحمن على العرش أستوى الجهة والاستقرار، وقد أريد به غيره فهو متشابه. قلنا: هيهات، فإن هذه كنايات واستعارات يفهمها المؤمنون من العرب المصدقون بأن الله تعالى ليس كمثله شيء، وأنها مؤولة تأويلات تناسب تفاهم العرب"(3).
(1) هو محمد بن الحسن بن فورك، الأنصاري الأصبهاني، أبو بكر، قتلته المجسمة بالسم سنة (406 ه). انظر: تاج الدين السبكي، طبقات الشافعية الكبرى (4/ 130) .
(2) مرتضى الزبيدي، إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين (110/2).
(3) الغزالي، المستصفى من علم أصول الفقه (ص/85 - 86).
পৃষ্ঠা ১১৫