============================================================
المطلب الأول / تعريف الآيات المحكمات والمتشابهات، ومسالك العلماء فيها وابن المبارك(1)، وابن عيينة، ووكيع وغيرهم أنهم روؤا هذه الأشياء، ثم قالوا: تروى هذه الأحاديث، ونؤمن بها، ولا يقال: كيف. وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تروى هذه الأشياء كما جاءت، ويؤمن بها، ولا تفسر، ولا تتوهم، ولا يقال: كيف. وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه" (2).
فقوله: (ولا تفسر)، هي قول الإمام أحمد بن حنبل نفسه حين سئل عن النصوص المتشابهة: "لؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى" (3). أي: نقرأها دون إعطاء أي ى وقوله: (ولا تتوهم)، أي: يضرف ظاهرها الموهم للتجسيم والتشبيه في حق الله تعالى مع تفويض المعنى الحقيقي إلى الله تعالى.
وقوله: (ولا يقال: كيف)؛ أي: أن الكيف - وهو صفات الحوادث - محال على الله تعالى، كما قال الإمام مالك بن أنس (ت/179ه) حين سئل عن الاستواء: "ولا يقال كيف، وكيف عنه مرفوغ". رواه البيهقي عنه بسند جيد(4).
وقد اعترض علماء المجسمة ونظارهم على هذا المسلك واشتذوا في إنكاره، وفي ذلك قال الإمام ابن تيمية: "فتبين أن قؤل أهل التفويض، الذين يزعمون أنهم متبعون للشنة والسلف، من شر اقوال أهل البدع والإلحاد"(5).
(1) وقد أول ابن المبارك حديث : "يذنو من ربه حتى يضع عليه كنفه". قال: "كنفهه يعني ستره. رواه عنه البخاري في لاخلق أفعال العباد" (ص/78).
(2) الترمذي، سنن الترمذي (4/ 692).
(3) انظر: أبو يعلى، إبطال التأويلات (ص/45).
(4) العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري (13/ 407).
(5) ابن تيمية، درء تعارض العقل والنقل (205/1).
পৃষ্ঠা ১০৭