سمعت من مشائخنا بوقش رحمهم الله فيما يعيدون من أخبار أبي الحسين أحمد بن موسى الطبري ويتواعظون به أنها أصابت الناس سنة شديدة، وكان لأبي الحسين رحمه الله قطعة أرض قد صارت/58/إليه يتبلغ بثمرها في الوقت بعد الوقت وكان بها زرع، وأحسبه كان يومئذ بصنعاء، فخرج هو ورجل شريف كان من خواص إخوانه في الله، إلى تلك الأرض لينظرا أهل قد فيهما شئ يتبلغ به، فوجد زرعها متأخر الحصاد فساء ذلك الشريف وغمه، وأبو الحسين صابر راض شاكر لله، فلما رجعا لقيهما قبل أن يصلا رجل، فدفع إلى أبي الحسين عشرة دنانير لوجه الله لينفقها على نفسه، فقبلها وسارا، فبينا هما في الطريق إذ لقيهما رجل من أولياء الله وأوليائهما، فشكى إلى أبي الحسين الإعدام وضيق الحال وأن له امرأة تتزحر بولد، ولا يعلم لها مما يصلح شأنها مثقال حبة من خردل من متاع الدنيا، فرق له أبوالحسين ورحمه فدفع إليه تلك الدنانير العشرة، فأخذها وانصرف مستريحا، فأقبل الشريف على أبي الحسين، وقال: ألم تكن لتعطيه بعضها وتفرج علينا وعلى أولادنا ببعضها. قال: إني نظرت في أمره فإذا هو يحتاج إلى فراش بكذا، ويحتاج طعاما بكذا، ودهنا بكذا، وذكر ما يصلح شأن القوم في تلك الحال، فإذا هو يستغرق الدنانير. قال: فلم أر بدا مما صنعت، ولكن الله لنا ومعنا فسكت الشريف وانصرف. فلما صارا إلى منازلهما أتى آت فقرع على أبي الحسين رحمه الله بابه فخرج إليه فسلم عليه، فقال له/59/الرجل: أنا المولى الذي مررت به بناحية الخشب في سنة كذا، وهو يرعى غنما ويزمر ويغني فنهيته ووعظته وتوبته، ونفع وعظك وتعليمك، وقد أعتقني من كنت مملوكا له، وأجازني بشئ من ماله فأصلحته وبارك الله فيه، وقد جاءت هذه السنة فرأيت شدتها فذكرتك، فرأيت أن أعينك على أمرك بشئ وقد قدمت به. وإذا معه دابتان تحملان برا وكبشان يتبعانهما، فسلم ذلك إلى أبي الحسين، فحمد الله وأثنى عليه، وصرف إلى الشريف حمل دابة وكبشا، وأخذ حمل دابة وكبشا، وتقدم فذبح الكبش الذي صار إليه وأمر فطبخ وعمل من الطعام ما أكلوا وأطعموا ضيفهم.
فهذا من محاسن أخباره، ومما يتواعظ به الزيديه منها.
পৃষ্ঠা ৭০