هذا وصف مجمل للنسخ الست التى اعتمدت عليها في تحقيق الكتاب.
٩ - أهمية التحقيق: والتحقيق علم من أهم العلوم له قواعده، وأصوله، وأهدافه، وغاياته، وهذه القواعد والاصول هي أقرب ما تكون إلى علمي الحديث " دراية ورواية "، تساهل
السلف فيه لانتشار العدالة، وعلو شأن الامانة في النقل، وقدرتهم الفائقة على ضبط المنقول مشافهة أو نسخا، وقلة التحريف والتصحيف عندهم.
ورسول الله ﷺ أول من سن قاعدة " المقابلة " بما كان يقابل القرآن على ناقله إليه جبريل ﵇ ولقد ظن القوم - وبعض الظن إثم - أن التحقيق علم من العلوم التى استأثر الغربيون بفضيلة تأسيسها، وأنه بدأ يظهر مع بدء النهضة الاوربية في القرن التاسع عشر الميلادي.
وأن على أيديهم قواعده وأصوله، وذلك جهل في تراث هذه الامة لا يليق بباحث.
وأنه إذا كان لهؤلاء الغربيين، والمستشرقين منهم فضل في هذا العلم، فإنما هو كفضلهم في سائر ما أخذوه عنا من تراث السلف، وأضاعه الخلف، فتلقفه هؤلاء، وبنوا على أصوله وأبروزه، فإن موقفهم في الكثير مما أخذوه عن سلفنا كموقف شركائهم في الاستيلاء على خامات بلادنا، وتصنيعها وإعادتها إلى أسواقنا باعتبارها صناعتهم، وايجادهم.
ولقد برزت الحاجة إلى التحقيق بروزا ظاهرا بعد أن نشطت حركة التأليف، واتسعت الحركة العلمية اتساعا كبيرا، في القرن الرابع الهجري، وما بعده من قرون.
واشتدت الحاجة إليه أكثر بعد أن أصبحت المصنفات تعتمد في انتشارها على نساخ، حرفتهم نسخ الكتب لحساب طالبيها، وهؤلاء النساخ أصناف: منهم من
1 / 62