ولا زورة القبر في يثرب ...
ولا تمنعي النفس من المعرسين
من الأقربين أو الأجنبي
فلم ذا حللت لهذا القريب
وصرت محرمة للأب
أليس الغراس لم ربه
وأسقاه في الزمن المجدب؟ •••
وعلى الجملة فقد اشترطوا في داعيهم أن يكون عارفا بالوجوه التي تدعي بها الأصناف، ثم يدعي كل صنف بما يناسبه، فمن رآه الداعي مائلا إلى العبادة حمله على الزهد والعبادة، ومن رآه ذا مجون وخلاعة قال له: العبادة بله وحماقة على مثل ذلك. وزعيمهم الحسن بن الصباح هذا يروي بعض الرواة أنه كان صديقا لعمر الخيام ونظام الملك، وقد أخذ تشيعه عن مصر حين رحل إليها، واعتنق المذهب الفاطمي وخصوصا الفرع النزاري ثم رحل إلى فارس، وقد وضع لأتباعه خطة لاغتيال العظماء البارزين من السنيين حتى يخلو الجو للتشيع، وقد مهد لذلك بالتشنيع على الخلفاء والحكام السنيين وكبر مظالمهم، وتحدث بقرب ظهور المهدي الذي يملأ الأرض عدلا، وقد استولى بقوة جيشه على بعض الأماكن بسوريا، وكان يعلم أيضا تعاليم إباحية تعدو إلى رفع التكاليف عمن تقدم في المذهب اجتذابا لقلوب العامة، وقد أرهب الملوك والعظماء في البلاد لكثرة ما كانوا يغتالون، وكان أول من اغتالوه الرجل العظيم «نظام الملك» الوزير السلجوقي المشهور، والواقع أنهم لم يكونوا موفقين في قتله؛ لأنه من أحسن الرجال عدلا وعطفا على العلماء وتشجيعا للعلم، وهو الذي أنشأ المدرسة النظامية في نيسابور والمدرسة النظامية في بغداد، وهى التي درس فيها الحويني والغزالي والكيا الهراسي وأمثالهم، واعتنق المذهب الأشعري وساعد على نشره، وهذا الوزير وضع رسالة بالفارسية في نظام الملك تحتوي على آراء كثيرة صائبة مثل تحذيره السلطان من تدخل أصدقائه غير المسئولين في شئون الدولة، ومن تدخل بعض رجال البلاط للنظر في الدعاوى وإصدار الأحكام، واستغلال سلطتهم في ابتزاز أموال الرعية، وأخيرا حذر نظام الملك السلطان السلجوقي من الحشاشين، ونصحه بقتالهم قبل أن يستفحل أمرهم، ولكنهم تمكنوا من قتل نظام الملك قبل أن يقتلهم، فقد كان قد خرج إلى رحلة فاعترضه شاب من هؤلاء الفدائيين متزييا بزي الصوفي، وتظاهر بأنه يردي إحسانا ومد يده إليه، فمد نظام الملك إليه يده، فانتهز هذا الشاب هذه الفرصة وطعنه بخنجر مات منه.
وقد كان أمير هذه القلعة يسمى داعي الدعاة ومن تحته الدعاة، وكان إذا انتدب أحد أتباعه لعمل فدائي قال له: «قم إلى فلان فاقتله ومتى رجعت تحملك ملائكتي إلى جنة النعيم، وإذا مت من دون ذلك أرسل ملائكتي إليك يذهبون بك إلى جنة الخلد». وقد روعت هذه الحادثة نفوس العظماء وخوفتهم منه، وقد أراد هؤلاء الحشاشون مرة أن يقتلوا صلاح الدين الأيوبي؛ لأنه كبير من كبراء السنية؛ ولأنه قضى على الدولة الفاطمية في مصر، وذلك أن قائد حلب أغرى هؤلاء الحشاشين بقتل صلاح الدين حين حصرها لأول مرة، وكان هذا الزعيم يسمى رشيد الدين ويعرف بشيخ الجيل، ولكن صلاح الدين نجا من هذا الفدائي بأعجوبة.
وظلت هذه الفئة تروع البلاد بقتل العظماء، وتصل إلى ذلك بمؤامرات سرية دقيقة وتنظم شئونها في دقة وإحكام، حتى علا شأنها وكثر تخريبها، ولكن كان لهم موقف حميد، وهو محاربتهم الصليبيين وإيقاع الرعب في نفوسهم، وأخيرا أوقع بهم هولاكو المغولي، فاستولى على قلعة ألموت في سنة 1256م، ثم جاء بيبرس فقضى عليهم القضاء الأخير سنة 1272م، ومنذ ذلك الحين تفرق شملهم في سوريا وفارس وعمان وزنجبار والهند وكفى الله المؤمنين شرهم. ومن الأسف أن تعاليمهم كانت سرية، وقد دمرت كل آثارهم فلم يبق لنا منها ما نستنتج منه تعاليمهم الصحيحة، ولكنهم على كل حال يدينون بالمهدي وبالتشيع وينظمون أنفسهم تنظيما شيعيا، ويستقون من نبع التعاليم الفاطمية، وقد أطلق الفرنج هذه الكلمة كلمة حشاشين “Assasins”
অজানা পৃষ্ঠা